
السابق Palestinian Christians Remind Us: “We Are Also People”
نشر كاتب العامود الأمريكي المعروف نيكولاس كريستوف مقالًا في النييورك تايمز ننشر ترجمة غير رسميّة عنه
بيت لحم في الضفّة الغربيّة
9 أبريل 2025
المجموعة في أمريكا الّتي يمكنني القول إنَّها الأكثر حماسًا في حثّ الرّئيس ترامب على سحق آمال الفلسطينيّين في إقامة دولة لهم ليسَتِ الجالية اليهوديّة بل المسيحيّون الإنجيليّون.
”ليس لدينا أصدقاء أعظم من المسيحيّين المؤيّدين لإسرائيل”، هذا ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو ذات مرّة في مؤتمر “مسيحيّون مُتّحدون من أجل إسرائيل”، والّتي يبلغ عدد أعضائها 10 ملايين عضو، أي ضعف حجم لجنة الشؤون العامّة الأمريكيّة الإسرائيليّة المعروفة أكثر.
ويدعو القادة الإنجيليّون البيت الأبيض إلى ”رفض كلّ الجهود“ الرّامية إلى تقيّيد السّيطرة الإسرائيليّة على الضفّة الغربيّة، على حدّ تعبير مجموعة تُدعى ”القادة المسيحيّون الأمريكيّون من أجل إسرائيل“. وغالبًا ما يستشهد هؤلاء الإنجيليّون بالله والكتاب المُقدّس كمرجعيّات لموقفهم من ضرورة ضمّ إسرائيل للأراضي الفلسطينيّة.
لم أتمكَّن من الوصول إلى الله للتّعليق، لكنَّني أظنُّ أنَّ المكتب الصحفيّ الإلهيّ كان سيحيلني إلى الوصيّة الثّامنة ”لا تسرق“.
وقد أيَّد سفير ترامب لدى إسرائيل، مايك هاكابي، وهو قسّ وحاكم سابق لولاية أركنساس، ضمّ إسرائيل للضفّة الغربيّة وقال: ”لا يوجد شيء اسمه فلسطينيّ“.
في مواجهة هذا الحماس المسيحيّ الأمريكيّ لسحق الفلسطينيّين بينما يقول إنَّها مشيئة الله، تساءلت عن رأي المسيحيّين الفلسطينيّين. لذلك زرت بيت لحم وسألتهم.
”هل نشعر بالخيانة؟“ تساءل متري راهب، وهو قسّ فلسطينيّ لوثريّ ورئيس جامعة دار الكلمة وهو، مثل العديد من المسيحيّين الفلسطينيين، ضد الضمّ. ”نعم، إلى حدٍّ ما. للأسف، هذا ليس بجديد علينا.“
إنَّ أقلّ من 2 في المئة من الفلسطينيّين في الضفّة الغربيّة اليوم هم من المسيحيّين، لكنَّهم أقلّيّة مؤثِّرة تُعاني من نفس المصاعب والاستيلاء على الأراضي الّتي يُعاني منها غالبيّة السكّان المُسلمين. في وادي المخرور بالقرب من بيت لحم، قابلتُ أليس كيسيّة، 30 عامًا، وهي من عائلة مسيحيّة قديمة، على شرفة حيث يمكننا رؤية ممتلكات عائلتها الّتي مُنِعَتْ من دخولها.
قالَتْ قيسيّة أنّها تعرَّضت لاعتداءات جسديّة من قِبَل المستوطنين الإسرائيليّين، وأنَّ مطعم عائلتها تمَّ هدمه أربع مرّات، وأنّها أُجبِرَتْ أخيرًا على الخروج من أرضها العام الماضي من قِبَلِ الحكومة الإسرائيليّة. وأشارَتْ أيضًا إلى المكان الّذي قالَتْ إنَّ السُّلطات الإسرائيليّة هدمَتْ فيه كنيسة خشبيّة كانت عائلتها قد بنتها.
فما رأيها في هؤلاء القادة المسيحيّين الأمريكيّين؟
قالَتْ لي قيسيّة: ”دعهم يأتون ويعيشون هنا حتّى يتمكّنوا رُبّما من التّعامل مع المستوطنين“.
يقول داود كُتّاب، وهو كاتب مسيحيّ فلسطينيّ ومؤلِّف الكتاب الجديد ”دولة فلسطين الآن“، إنَّ المسيحيّين الأمريكيّين اليمينيّين المُتطرِّفين أحرجوا المسيحيّين الّذين يعيشون بالفعل في الأرض المُقدّسة. وقال: ”عندما يُستخدم الكتاب المقدس لتبرير سرقة الأراضي وجرائم الحرب ضد المدنيين، فإنَّ ذلك يضع المؤمنين في موقف حرج“.
قد يبدو التّحالُف المسيحيّ-اليهوديّ اليمينيّ المُتطرِّف مُحرجاً بعض الشيء بالنّسبة لنتنياهو نفسه، لأنَّ بعض الإنجيليّين يبنون دعمهم للسّياسات الإسرائيليّة المُتشدِّدة على فكرة أنَّهم يدفعون إلى نهاية الأيّام التوراتيّة، حيث سيذهبون إلى الجنّة – ولكن من وجهة نظرهم، فإنَّ اليهود يخاطرون بإرسالهم إلى الجحيم.
إحدى الجماعات في الضفّة الغربيّة التي تسود فيها مواضيع المحبّة والعدالة التوراتيّة هي خيمة الأمم، وهي جماعة مسيحيّة تدعو إلى اللّاعنف وتعلن ”نحن نرفض أنْ نكون أعداء“. وهي تعمل في مزرعة عائلة فلسطينيّة مسيحيّة عريقة، عائلة نصّار، الّتي استخدمَتْ مُمتلكاتها لإقامة مُخيّمات للشّباب والدّعوة إلى السّلام تجاه الجميع.
لم يقابَلْ هذا الموقف بالمثل. وقد وثَّق آل نصار مشاكلهم: اعتداءات المستوطنين، وتدمير أشجار الزّيتون الخاصّة بهم، والجهود المبذولة لطردهم من الأرض الّتي احتلّوها منذ قرن من الزمان، وحرمانهم من قِبَلِ إسرائيل من الحصول على المياه الجارية وشبكة الكهرباء.
لقد قام الزّعماء المسيحيّون الأمريكيّون بعمل ممتاز في الدّفاع عن الحرّيّة الدّينيّة في جميع أنحاء العالم، من الصّين إلى أذربيجان – لكن داود نصّار، بينما كان يُريني مزرعة العائلة، تحدَّث عن حزنه لأنَّ هؤلاء الزّعماء صامتون بشأن القمع الّذي يتعرَّض له إخوانهم المسيحيّين في الأرض المُقدّسة.
وقال: ”الاضطهاد يحدث“، مُشيرًا على سبيل المثال إلى أنَّ بعض المسيحيّين والمسلمين على حدٍّ سواء يواجهون صعوبات في الحصول على تصريح للصّلاة في الأماكن الدّينيّة في القدس. يمكن للمسيحيّين الأمريكيّين زيارة كنيسة القيامة بسهولة، حيث المسيح صُلِبَ، ولكن من الصّعب على مسيحيّي الضفّة الغربيّة الحصول على تصريح للعبادة هناك.
قال نصّار: ”نحن أوّل أتباع المسيح“. ومع ذلك، أضاف، يبدو أنَّ القادة المسيحيّين غير مبالين بينما يتمُّ طرد عائلات مثل عائلته (إلى جانب المسلمين) من أراضيهم بسبب هجمات المستوطنين، ونقاط التّفتيش الّتي لا تنتهي، وهدم المباني ووضعهم من الدّرجة الثّانية.
بطبيعة الحال، يتنوّع المسيحيّون في وجهات نظرهم مثلما يتنوع اليهود والمسلمون: الاختلافات الأكثر لفتًا للنّظر ليسَتْ بين الأديان بل بين المُعتدلين والمُتعصّبين من جميع الأديان. يتطوّع بعض المسيحيّين الأمريكيّين والأوروبيّين بانتظام في خيمة الأمم، وذلك جزئيًّا لردع عنف المستوطنين. أثناء زيارتي، كانت المتطوّعة المسيحيّة الهولنديّة ريت بونس-ستورم، وهي أستاذة لاهوت مُتقاعدة، تُقيم في كهف في المزرعة (لا يُسمح للنّصارى ببناء مبانٍ جديدة) وتحتفل بعيد ميلادها الثّاني والتّسعين.
وأوضحت قائلةً: ”نحن مثل الدّروع البشريّة“. ربّما بدت مُتشكِّكة في أنَّ بونس-ستورم، الهولنديّة الضعيفة الّتي لم تكبر في السن، تُشكِّل درعًا بشريًّا كبيرًا، لأنَّها سرعان ما أضافت أنَّ الأمر سيبدو سيئًا إذا قتلها المستوطنون أو الجنود.
انضم نصّار إلى مجموعة من المتطوّعين للاحتفال بعيد ميلاد بونس-ستورم ثمَّ أخبرني أنَّه يتمنّى أنْ يزور المزيد من المسيحيّين الأمريكيّين ليروا بأنفسهم أوجه عدم المساواة في الحياة في الضفّة الغربيّة.
وقال: ”نحن بحاجة إلى أن يفهم مسيحيّو الولايات المتّحدة ما يحدث“. تنهّد وأضاف: ”نحن أيضًا بشر“.
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.
No comment yet, add your voice below!