
السابق Palestinian Christians at U.S. Conference Call for End to Gaza War, Challenge Christian Zionism
تجميع من وكالات
في كنيسة باركفيو المجتمعيّة في ضاحية جلين إلين بشيكاغو، اجتمع أكثر من ٨٠٠ مسيحيّ لحضور مؤتمر “الكنيسة عند مفترق الطرق” الافتتاحيّ، وهو حدثٌ استمرَّ ثلاثة أيّام، سلَّط الضوء على الأصوات الفلسطينيّة، وحثّ المسيحيّين الأمريكيّين على التحرُّك ضدَّ الحرب الدّائرة في غزّة.
سعى المؤتمر، الّذي نظَّمه علماء لاهوت فلسطينيّون، إلى نقل المسيحيّين الأمريكيّين من التّعاطف إلى العمل. قال اللّاهوتيّ دانيال بنورة: “نحن على مفترق طرقٍ. هل سنختار طريق السّلام أم طريق العنف؟ إذا لم تفعل شيئًا، فأنت تفعل شيئًا. إذا كنت في الولايات المُتّحدة، فأنت متواطئ”.
أصواتٌ من فلسطين وخارجها
من بين المتحدّثين القسّ منذر اسحق، قسٌّ لوثريٌّ من بيت لحم؛ وأنطون دعيك، المدير المساعد لمعهد بيت لحم للسّلام والعدالة التّابع لكُلّيّة بيت لحم للكتاب المُقدّس؛ وفارس أبو فرحه، الرّئيس التّنفيذيّ لخدمات المشرق Levant Ministries. انتقد جميعهم الأُسس اللّاهوتيّة للصّهيونيّة المسيحيّة، الّتي جادلوا بأنَّها تُحرّف الكتاب المُقدّس لتبرير الاحتلال والتَّهجير والحرب.
كان اسحق حازمًا بشكلٍ خاصّ: “هل تعلمون ما هي أكبر مشكلةٍ في الصهيونيّة المسيحيّة؟ لا يمكنكم العثور على يسوع فيها”، قال هذا وسط تصفيقٍ حارٍّ من الحضور. يتأمَّل كتابه الأخير “المسيح وسط الأنقاض” في احتفالات عيد الميلاد الصّامتة في بيت لحم، وسط الدّمار في غزّة. وحذَّر قائلًا: “على الرّغم من الأدلّة الدّامغة، لا تزال هذه الإبادة الجماعيّة مدعومةً ومُبرَّرةً، بل وحتّى مُنكرةً من قِبَلِ البعض في الكنيسة”.
وصف دعيك، ربط إسرائيل التّوراتيّة بالدّولة الحديثة بأنَّه “واحدةٌ من أكبر الفضائح اللّاهوتيّة”. وبينما أدان هجمات حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأوّل ووصفها بجرائم حرب، أصرّ أيضًا على أنَّ الرَّدَّ في غزّة يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعيّة. قال: “لنعش معًا -سواء في دولتين أو دولةٍ واحدة”. “السّؤال هو: كيف يمكن للإسرائيليّين والفلسطينيّين العيش معًا في سلام؟”.
وذكّر أبو فرحه، الّذي درس في جامعة ليبرتي، الحضور بأنّ مصداقيّة الشّهادة المسيحيّة على المحكّ. وقال: الإنجيل يدعو إلى السّلام، لا إلى سفك الدّماء. نريد أن تتوقَّف الفظائع، وأنْ تنتهي المجاعة، ونعم، أن يعود الرّهائن إلى عائلاتهم”.
شهاداتُ الألم والإيمان
بالنّسبة للبعض، تُعتبر الحرب أمرًا شخصيًّا للغاية. أخبرَتْ ليديا الصايغ، البالغة من العمر 25 عامًا، الحضور أنَّ جدّتها قد هربت أخيرًا من غزّة. وقالَتْ: “إنّها نعمةٌ ومأساةٌ في آنٍ واحد. ما كان ينبغي لها أنْ تُغادر منزلها أصلًا”. وأضافَتِ الصايغ أنَّ المسيحيّين الفلسطينيّين غالبًا ما يشعرون بأنّهم غير مرئيّين لنظرائهم الأمريكيّين. وأصرَّتْ قائلةً: “يسوع في غزّة. إنّه يُعاني من فقدان كلِّ طفلٍ، وكلِّ وخزة جوع، وسحق الأنقاض – تمامًا كما عانى على الصّليب”.
اتّسم الحدث أيضًا بالعبادة الجماعيّة والتّضامن. انضمَّ المشاركون – من مسيحيّين بيضٍ وسودٍ ولاتينيّين وآسيويّين وعربٍ من طوائف مختلفة – إلى غناء التّرانيم الفلسطينيّة، وارتدى العديد منهم الكوفيّة. وباع الباعة سلعًا تحمل طابعًا فلسطينيًّا، ووزَّعَتْ أكشاك مُلصقاتٍ كُتِبَ عليها: “الله يحبُّ غزّة”.
ثقل موازن للصّهيونيّة المسيحيّة
صوّر المُنظِّمون المؤتمر كرّدٍّ على التجمُّعات المسيحيّة الصّهيونيّة مثل “مسيحيّون مُتّحدون من أجل إسرائيل” (CUFI)، الّتي تجذب الآلاف سنويًّا، ويزيد عدد أعضائها عن 10 ملايين. قال المُنظّم بن نوركويست، وهو إنجيليّ: “هذا سوء فهمٍ للكتاب المُقدّس. قيمي تجذبني إلى إنسانيّة الفلسطينيّين وحقوقهم الكاملة”.
قالت ساندرا ماريا فان أوبستال، المديرة التّنفيذيّة لمُنظّمة “ملاحقة العدالة”، إنَّ هيمنة الأصوات المسيحيّة الصّهيونيّة تعكس تهميشًا أوسع. وأضافَتْ: “الأصوات المُهمّشة هي دائمًا آخر من يُسمَع”. ترى جيلًا جديدًا من المسيحيّين الملوَّنين، وخاصّةً القادة السّود والسُّمر، يُدركون فورًا أنَّ “الإبادة الجماعيّة الّتي ارتكبتها إسرائيل في غزّة لم تكُنْ صوابًا”.
إعلان توبة
تزامنًا مع المؤتمر، وقّع أكثر من 70 قائدًا مسيحيًّا أمريكيًّا ومنظّمةً دينيّةً إعلانًا يرفض الصّهيونيّة المسيحيّة، ويدعو إلى وقفٍ فوريّ لإطلاق النّار، والإفراج عن جميع الرّهائن، ووصول المساعدات الإنسانيّة إلى غزّة، ومحاسبة إسرائيل على أفعالها، وقد وصل عدد الموقِّعين إلى المئات منذ إصدار البيان رسميًّا. اقرأ البيان هنا
جاء في الرسالة: “نعترف بأنَّ الكثيرين منّا استخدموا الكتاب المُقدّس بطرقٍ تُبرِّر القمع والتّطهير العرقيّ والإبادة الجماعيّة وغيرها من أشكال العنف، متجاهلين تعاليم يسوع”. ومن بين الموقِّعين ناشطون مسيحيّون معروفون، شين كلايبورن، وآدم تايلور من منظّمة “سوجورنرز”، والمؤلِّف جيمار تيسبي، وفيل فيشر، مُبتكر برنامج “فيجي تيلز”، وغيرهم. كما أيّد الكاتب اليهوديّ بيتر بينارت البيان. صيغ الإعلان استجابةً لنداءات قادة الكنائس الفلسطينيّة والشّرق أوسطيّة في عامي ٢٠٢٣ و٢٠٢٤، حثّوا فيها مسيحيّي الولايات المُتّحدة على مواجهة تواطؤهم. وصرَّح مُتحدِّثٌ باسم المؤتمر قائلًا: “هدفنا هو التَّعلُّم من المسيحيّين الفلسطينيّين، والتّوبة حيثُ أضرّ تواطؤنا بهم، والمشاركة في معاناتهم كأعضاءٍ في جسد المسيح”.
صراعٌ على الشّهادة المسيحيّة
رغم هذا الرفض، أكَّد المُتحدِّثون في غلين إلين أنَّ تواطؤ المسيحيّين في الحرب يُهدِّد جوهر الإيمان. وقال أبو فرحة: “شهادة الإنجيل، وشهادة الكنيسة، على المحكّ”.
بالنّسبة للعديد من المُشاركين، مثَّل المؤتمر موقفًا علنيًّا نادرًا من المسيحيّين الأمريكيّين من أجل الفلسطينيّين. وبينما أنشد المصلّون “يا ربّ السلام، إملأ قلوبنا سلام” – “يا إله السلام، املأ قلوبنا سلامًا” – جسّدوا الرّسالة الّتي تكرَّرَتْ طوال اللّقاء: أنَّ اتّباع المسيح يعني رفض العنف، وتفكيك العقائد اللّاهوتيّة القمعيّة، والوقوف إلى جانب المُستضعفين في غزّة وخارجها.
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.
No comment yet, add your voice below!