
السابق عقدٌ من الشّراكة الرّوحيّة والسّياسيّة…فلسطين والفاتيكان في مواجهة التحدّيات وبناء الأمل
كتبَ لـ ملح الأرض- الأستاذ عزيز سمعان دعيم
المدارس المسيحيّة في رؤيتها هي نورٌ على منارةٍ في عالمٍ مُضطربٍ ومُتقلِّب الأطوار، وفي رسالتها هي مؤسَّسة خدماتيّة تربويّة -تعليميّة، تخدم كلّ أبناء مُجتمعها، بدون أيّ تميّيز لتُقدِّم للجميع أفضل تربية وأروع تعليم، لتساهم في بناء أطفال المُجتمع، لإعدادهم ليكونوا قادةً من رجالٍ ونساء، يسعون بكلّ جديّة لتحقيق مُستقبلٍ أفضل لحياتهم ومُجتمعهم وعالمهم. المدارس المسيحيّة في غالبيّتها هي وليدة إرساليّات، كانَتِ السبّاقة في بناء مدرسة بجانب كلّ كنيسة، إضافةً لمُستشفيات وعيادات طبيّة خدمَتْ كلّ أطراف المُجتمع، فكان هدفها تجسيد حضور يسوع المسيح في مجتمعنا، من خلال شهادةٍ مسيحيّةٍ طيبةٍ، تعيش فيها رسالة الرّبّ يسوع المسيح، بشكلٍ مؤثّرٍ في الحياة العمليّة واليوميّة، وتسير على خُطى آثار أقدام الرّبّ يسوع، لتكون ملح الأرض ونور العالم.
حقًّا، منذ قرونٍ عديدةٍ قامَتْ مُختلف الإرساليّات المسيحيّة بتأسيس أفضل المدارس والمُستشفيات والعيادات الطبيّة لخدمة سكّان هذه الأرض، جنبًا إلى جنبٍ مع الكنائس والأديرة الّتي تُعلِنُ حضور الرّبّ يسوع المسيح في المُجتمع، فهو ما زال من خلال عمل نعمته في أولاده وبناته “… يَطُوفُ الْمُدُنَ كُلَّهَا وَالْقُرَى يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهَا، وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ، وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ فِي الشَّعْبِ. وَلَمَّا رَأَى الْجُمُوعَ تَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ، إِذْ كَانُوا مُنْزَعِجِينَ وَمُنْطَرِحِينَ كَغَنَمٍ لاَ رَاعِيَ لَهَا.” (متى 9: 35 و36).
يقول المُطران رفيق نهرا، الأسقف المسؤول عن مدارس اللّاتين، في هذا الصدد، “وصيّة الرّبّ يسوع الأخيرة في إنجيل متى هي: «… فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ… وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ…” (متى 28: 18 -20)، لذلك ترى الكنيسة عملَ التّربية والتّعليم كقسمٍ أساسيّ من رسالتها، فتهدفُ المدارس المسيحيّة لتربيةٍ شاملةٍ للأطفال، ذهنيًّا، أخلاقيًّا وروحيًّا”.
تعتبر الأمينة العامة لمكتب المدارس المسيحيّة، الأخت الرّاهبة منار سوني، أهمّيّة وجود المدارس المسيحيّة بكونها “ركيزة أساسيّة في تعزيز الحضور المسيحيّ في بلادنا، فهي تزرع الانتماء، وتقوّي ارتباط النّاس بأرضهم وجذورهم وهويّتهم. من خلالها يتجدد الرّجاء، ويترسَّخ الإيمان، ويثبت المسيحيّون في أرض الآباء. إنّها حقًّا ملح الأرض ونورها، تنير الدّرب، وتُبقي شعلة الوجود المسيحيّ مُتّقدة في مهد الرّسالة.”
وأشار الأبّ عبد المسيح فهيم، الأمين العام السّابق للمدارس المسيحيّة في إسرائيل لدور المدارس المسيحيّة في التّربية بقوله: “إنَّ التّربية الصّحيحة هي أساس المُجتمع السّليم، فالتّربية تُشكِّلُ أفرادًا خلوقين، وأُسرًا سليمةً مُتكاتفةً، ومُجتمعات مُتوازنة تحترم بعضها البعض، وباختصار هي ليسَتْ فقط أساس المدينة الفاضلة، بل العالم الأمثل.”
المدارس المسيحيّة: لمحة معلومات
المدارس المسيحيّة هي مدارس تُديرها مؤسَّسات كنسيّة أو رهبانيّة أو جمعيّات مسيحيّة، بهدف تأمين تربية أبنائها وفق الإيمان المسيحيّ، المبني على الكتاب المُقدّس وتعاليم الكنيسة، وتنمية التّعايش بين أبناء المُجتمع الواحد المُتعدّد الدّيانات.
عدد المؤسَّسات التّربويّة والمدارس المسيحيّة في البلاد (الجليل) هو 62 مؤسَّسة تربويّة في كلِّ مراحل التّعليم، بحسب المعلومات الرّسميّة لدى الشمّاس جريس منصور، مُفتِّش المدارس المسيحيّة من قِبَلِ وزارة التّربية. مُعظم هذه المدارس موجودة في مدينة النّاصرة، مدينة البشارة، حيثُ يتعلَّم في مدارسها المسيحيّة حوالي 50% من طلّاب البلدة من مسيحيّين ومُسلمين، تليها المدارس المسيحيّة في مدينة حيفا، حيث يتعلَّم فيها حوالي 70% من طلّاب المدينة العرب وتستقطبُ طلَّابًا من مدنٍ أُخرى. عامّةً تتركَّز المدارس المسيحيّة في منطقة الجليل وحيفا، وبعض منها في مركز البلاد (في مدينتي يافا والرّملة على سبيل المثال).
تعتبر هذه المدارس، مدارس خاصّة أو أهليّة، وبصيغةٍ رسميّة “مدارس مُعترف بها غير رسميّة”، فهي مدارس مُعترف بها من قبل وزارة التّربية والتّعليم الإسرائيليّة وتقوم الوزارة بتمويلها بشكلٍ جزئيّ في المرحلة الابتدائيّة وبشكلٍ أكبر في المرحلة الثّانويّة، وهي تمتثل لتعليمات ومناهج وامتحانات الوزارة، ويُطلب من المدارس الابتدائيّة المسيحيّة تعليم 75% على الأقل من “خطّة النواة”، ولكنَّها غالبًا تُعلِّم “خطّة النواة” بنسبة تفوق الـ 100%، كما أنَّها غالبًا لها حرّيّة أكبر في اختيار طلَّابها. مُعظم طلَّابها (حوالي 65%) هم من المسيحيّين، أمّا الباقون فهم من المسلمين ومن الدّروز، وأحيانًا عددٌ قليلٌ من اليهود (في مدارس منطقة المركز)، وبالطّبع تتغيَّر النّسبة من مدرسةٍ لأُخرى، فهنالك أيضًا مدارس مسيحيّة مع أغلبيّة طلَّاب مُسلمين.
بادر مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكيّة في الأرض المُقدّسة عام 1992 بتأسيس مكتب الأمانة العامّة للمدارس الكنسيّة في إسرائيل، وكان عدد المدارس التّابعة للكنائس والرّهبانيّات الكاثوليكيّة 39 مدرسة، وانضمَّتْ للمكتب تدريجيًّا المدارس غير الكاثوليكيّة في عام 2010 (منها: المدرسة المعمدانيّة، مدرستان تابعتان للكنيسة الأسقفيّة (الأنجليكانيّة)، أربعة مدارس تابعة للجمعيّات أو الكنيسة الأرثوذكسيّة، مدرسة تابعة للكنيسة الأسكتلنديّة وغيرها). بما أنَّ أكبر تجمُّع للمدارس المسيحيّة هو في مدينة البشارة، فقد تقرَّر أنْ تكون مدينة الناصرة مقرّ الأمانة العامّة. عمومًا تحتضن المدارس المسيحيّة حوالي 30000 تلميذ/ة وحوالي 2000 معلّم/ة وموظّف/ة (عن مقابلة للأبّ عبد المسيح فهيم في كتاب “عيون على السّلام” 2022).
يذكر تقرير دائرة الإحصاء المركزيّة (الصادر عشيّة عيد الميلاد 2024) أنّ عدد الطلَّاب المسيحيّين الّذين تعلَّموا في مراحل التّعليم الابتدائيّة وفوق الابتدائيّة (في المدارس المسيحيّة والحكوميّة معًا) في إسرائيل في السّنة الدّراسيّة (24/2023) كان 26417 تلميذ/ة، أي نسبة (1.3%) من مجموع كلّ التّلاميذ في المُجتمع العربيّ والعبريّ معًا، وأنَّ المجموعة الأكبر من الطلَّاب المسيحيّين في إسرائيل هم مسيحيّون عرب (86.2%) ويكوّنون نسبة (4.7%) من الطلَّاب في التّعليم العربيّ في البلاد. في حين أنَّ نسبة طلّاب الثّواني عشر المسيحيّون كانت (5.9%) من طلّاب الصّف الثّاني عشر في التّعليم العربيّ في إسرائيل في ذات العام الدراسيّ.
المدارس المسيحيّة: صعوبات وتحدّيات
أكبر عدد من المدارس والمؤسَّسات المسيحيّة الّتي تخدم كلَّ الأجيال، من صفوف الطفولة المُبكرة وحتّى الثّانويّات، مُتواجدة في أبنية غير عصريّة، تفتقر للعديد من المرافق الضرورية، مثل: ساحات واسعة وأماكن خضراء، قاعات رياضيّة مناسبة، مراكز تعليميّة عصريّة، وملاجئ أو قاعات آمنة (لسلامة وأمان الطلّاب في حالات الطوارئ الشّائعة بتواتر لا مثيل له في بلادنا)، وغيرها.. كذلك الأمر بخصوص صيانة هذه المباني وتطوير البُنى التّحتيّة والتكنولوجيّة والمرافق الهامّة، وهذه التّكاليف الكبيرة تقع على مسؤوليّة وميزانيّة الكنائس والأديرة والمؤسَّسات والمُتبرّعين لهم، وهي تكاليفٌ باهظة جدًّا، لا تُساهم فيها المؤسَّسات الرّسميّة.
من خلال حوار مع سيادة المُطران يوسف متّى (الأسقف المسؤول عن المدارس التّابعة للرّوم الملكيّين الكاثوليك)، ومع الأستاذ أشرف جبّور (المسؤول البيداغوجي باللّجنة التربويّة لمدارس مطرانيّة الملكيّين الكاثوليك في الجليل)، إضافةً لمعرفتي وخبرتي اليوميّة في هذا الصدد على مدار أربعة عقود، ألخّص فيما يلي مجموعة صعوبات وتحدّيات جوهريّة أساسيّة تواجه المدارس المسيحيّة وخاصّةً الابتدائيّة منها، فالمدارس المسيحيّة تواجه إجحافًا مُميَّزًا في ميزانيّاتها (كمدارس مُعترف بها وغير رسميّة / غير حكوميّة) يُشتم منه، وأحيانًا يُقال بفم ملآن من مسؤولين رسميّين، أنّهم يريدون تجفيفها.
نموذج من التحدّيات الّتي تواجه المدارس المسيحيّة الابتدائيّة:
يوجز المُطران رفيق نهرا تحدّيات المدارس المسيحيّة بقوله: “ارتفاع تكلفة المعيشة، انشغال الأهل بالأمور المادّيّة، هيمنة العقلية الماديّة السّائدة في مُجتمعاتنا، تأخُّر الكثيرين من الأهل في دفع الأقساط، مع التضييق من قِبَلِ الوزارات، يجعل عمل المدارس صعبًا ومُعقّدًا في أيّامنا. الحفاظ على مدارسنا الابتدائيّة هو تحدّي كبير، وعلينا التّفكير سويًّا في هذا الموضوع. كما علينا العمل من أجل تأهيل جديّ لمعلّمي الدّين في مدارسنا، لأنَّنا نُعاني من نقصٍ كبيرٍ في تأهيل المسيحيّين، في الجليل خاصّةً، كتابيًّا ولاهوتيًّا”.
المدارس المسيحيّة: إشراقات وإنجازات
بالرّغم من كلّ التحدّيات والإجحاف والصّعوبات الّتي تواجه المدارس المسيحيّة في إسرائيل وتهدف لإضعافها أو تجفيف مواردها أو تحويل وجهتها ولكنَّها ما زالتْ تستقطب الكثير من مختلف أطياف المُجتمع، والطلب عليها يتزايد، وقوائم الانتظار لتسجيل وقبول طلّاب لها تطول، نتيجةً للمناخ التربويّ الثقافيّ الروحيّ الّذي تتميَّز به هذه المدارس، إضافةً للإنجازات العلميّة والتّحصيل العالي.
يقول المطران رفيق نهرا بإيجاز جميل “من أجمل إنجازات مدارسنا هي تربيتها الآلاف من الطلّاب المسيحيّين والمُسلمين، في روح المسؤوليّة وقبول الآخر والعيش المشترك، علمًا أنَّ هذه الروح ضروريّة جدًّا في مُجتمعنا المُختلط.”
فيما يلي بعض من امتيازات وإنجازات المدارس المسيحيّة:
يشير تقرير دائرة الإحصاء المركزية في اسرائيل (الصّادر عشيّة عيد الميلاد 2024) لحقائق إنجازات التّعليم المسيحيّ في البلاد، فيذكر أنَّ نسبة الطلّاب المسيحيين الّذي استحقوا شهادة بجروت كاملة للسنة الدراسيّة (2023 – 2024) كان (86.9%)، ونسبة الطلّاب المسيحيّين الّذي حصلوا شهادة بجروت تمكِّنُهم من دخول الجامعة كانت (76.8%)، مُقابل نسبة (76.0%) في التّعليم العبريّ، وأعلى بكثير من النّسبة لدى الطلّاب الدّروز (64.0%) ولدى الطلّاب المُسلمين (47.6%). كما أنَّ نسبة المسيحيّين الّذين التحقوا بالتّعليم العالي في جامعات مرموقة كانت (43%) من خريجي التّعليم المسيحيّ، مقابل (30%) من مجمل التّعليم العربيّ. وفي إحصائيّات طويلة المدى، يتضح أنَّ نسبة الطلَّاب المسيحيّين الّذين حصلوا على اللّقب الأوّل خلال 8 سنوات من سنة تخرُّجهم من الثّانويّة كانت حوالي (53%)، مُقابل (34.5%) فقط من خريجي التّعليم العربيّ عامّةً، و (47.9 %) من مجموع خريجي التّعليم العبريّ.
ختامًا:
حضور المدارس المسيحيّة في البلاد والمُجتمع هو سبب بركة للجميع، فهي تؤهِّل قيادات شبابيّة لصنع مُستقبل مُشرق أكثر، فهي تُربّي على المحبّة والسّلام، على العطاء والخدمة بتفانٍ، تبني الأجيال النّاشئة من خلال تربية وتعليم بامتياز، لبناء الإنسان والمُجتمع والعالم. وعليه تدعو الحكمة في أبسط مفهوم لها، بدعم استمرار حضور وتُقدِّم هذه المدارس بمسيرتها كملح الأرض ونور العالم، وهو هدفٌ مشتركٌ وهامٌّ لكلِّ مُركبات مُجتمع بلادنا، المدنيّة والرّسميّة.
ويؤكِّدُ المُطران يوسف متّى: “أنَّه بالرغم من التحدّيات العديدة والكبيرة، نحنُ بحاجة لنبقى ثابتين في حضورنا وخدمتنا لمُجتمعنا، وعلينا أنْ نتابع التّواصل مع الوزارات في حوار للتوصُّل إلى تفاهم وتحصيل حقوقنا كمدارس مسيحيّة، فالّذي يُطالِبُ بحقِّه لن يضيع هذا الحقّ”.
الكاتب د. عزيز سمعان دعيم مدير سابق لمدرسة مار يوحنا الإنجيليّ الأسقفيّة في حيفا، ومدير سابق للمدرسة المعمدانيّة الثانويّة في النّاصرة.
في الرابط هنا يمكنكم الدّخول إلى صفحة خاصّة عن المدارس المسيحيّة في الأردن والضفّة الغربيّة والدّاخل الفلسطينيّ
من الأرشيف اعتداء على مدرسة راهبات السالزيان والفرنسيسكان وبيان شجب من الأمانة العامّة للمدارس المسيحيّة – الناصرة في 25-3-2023
البيان
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.
No comment yet, add your voice below!