Skip to content
Skip to content

المدارس المسيحيّة في فلسطين والأردن: تاريخٌ من التّنوير وصناعة القيادات- أسماءُ بعض أبرز الخرّيجين

تاريخ النشر: أكتوبر 14, 2025 11:37 ص
ACN-20230929-153736

إعداد: فريق ملح الأرض

مُلاحظة: المقال التّالي هو مُحاولةٌ مُتواضعةٌ لإلقاء الضّوء على دور المدارس المسيحيّة في فلسطين والأردن. ونحنُ على علمٍ بأنَّ الموضوع يحتاج إلى موسوعةٍ شاملةٍ، ورغم أنَّنا حاولنا جاهدين جمع أكبر قدرٍ من المعلومات وأسماء الخرّيجين، إلّا أنَّنا نُدرِك أنَّ ما نُقدِّمه هُنا هو مُجرَّد نُقطةٍ في بحر. نأملُ أنْ يُقبل عُذرنا مُسبقًا في حال عدم قُدرتنا على تغطية كافّة المدارس المسيحيّة وتاريخها بالكامل في النُّسخة الورقيّة، لكنَّنا سنقوم بنشر مقالاتٍ مُوسَّعةٍ عن كلّ مدرسةٍ على حدة، عبر موقعنا الإلكترونيّ في الأسابيع والأشهر القادمة. مصادرنا تعدَّدتْ، من المدارس نفسها، ومن مواقع المدارس الرّقميّة، ومُحرِّكات البحث العالميّة. تواصلنا مع كافّة المدارس ولكن –للأسف- لم نحصل على إجابةٍ من الكثيرين، ولكنّنا على استعدادٍ للنَّشر وتعديل أيّ أخطاءٍ، من خلال صفحة “العودة للمدارس المسيحيّة” على  موقعنا الإلكترونيّ https://url-shortener.me/4JLR

أسماءُ بعض أبرز الخرّيجين المدارس المسيحية في فلسطين والأردن

على مدى أكثر من خمسة قرونٍ، شكّلَتِ المدارس المسيحيّة في فلسطين والأردن ركيزةً أساسيّةً في التّعليم وتطوير المجتمعات. لم يقتصر دورها على توفير التّعليم الأكاديميّ، بل حملَتْ رسالةً إنسانيّةً وتربويّةً عميقةً، رسَّخَتْ قيم التعدّديّة والانفتاح والتَّميُّز، وأسهمَتْ في صناعة نخبةٍ من القيادات الفكريّة والسّياسيّة والثّقافيّة.

الجذور التّاريخيّة: تراسنطة وبدايات التّعليم المُنظَّم

بدأ التّعليم المسيحيّ المُنظَّم في فلسطين عام 1518 عندما أسَّس الرُّهبان الفرنسيسكان أولى مدارس تراسنطة في القدس وبيت لحم، ولاحقًا في الناصرة. توسَّعتِ التّجربة لتشمل مدرسةً جديدةً في القدس عام 1929، ومن أبرز خرّيجي تراسنطة عكا القاضي سليم جبران، وهو أوّل عربيٍّ مسيحيٍّ يصل إلى عضويّة المحكمة العُليا الإسرائيليّة.
وفي عمّان افتُتِحَتْ تراسنطة عام 1948، لتصبح اليوم شبكةً تضمُّ 15 مدرسةً على ثلاث قارّاتٍ، تستقبل نحو 10 آلاف طالب.

 من أبرز خريجي تراسنطة عمّان رؤساء الوزراء الأردنيّون: علي أبو الراغب (2000-2003)، وهاني الملقي (2016-2018)، وعمر الرزاز (2018-2020)، والعين رجائي المعشر، إضافةً إلى نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجيّة الأسبق مروان المعشر. ومن بين مُعلِّمي تراسنطة البارزين المؤرِّخ الأردنيّ روكس العزيزي.

مدرسة الفرندز: رسالةُ سلامٍ من رام الله

في رام الله، أسَّسَتْ جمعيّة الفرندز (الكويكرز)، وهي طائفةٌ مسيحيّةٌ مُناهضةٌ للحروب، مدرسة الفرندز للبنات عام 1869، ثمَّ مدرسة الفرندز للبنين عام 1918 . من بين خرّيجيها شخصيّاتٌ بارزةٌ د. حنان ميخائيل عشراوي، الأكاديميّة والسّياسيّة الفلسطينيّة وعضو الوفد الفلسطينيّ لمؤتمر مدريد للسّلام، والمحامي رجا شحادة، مؤسِّسٌ مشاركٌ لمُنظّمة الحق الحقوقيّة مع المحامي جوناثان كتاب (خرّيج مطران القدس)، والنّاشط السّياسيّ شارلي شمّاس، ووزير السّياحة وأمين عمّان الأسبق عقل بلتاجي.

تميَّزتِ المدارس المسيحيّة بمناهج حديثةٍ ونهجٍ شموليٍّ يدمج بين الطُّلّاب من مُختلف الخلفيّات. في عمّان تأسَّسَتِ المدرسة الوطنيّة الأرثوذكسيّة عام 1957، ومن خرّيجيها رئيس الوزراء الأسبق سمير زيد الرفاعي، والنّاشطة النسويّة سلمى النمس، والوزير الأسبق مروان جمعة، والصّحفيّة ندين النمري.

البطريركيّة اللّاتينيّة: من السّلط إلى شبكةٍ واسعةٍ

عام 1854، أسَّسَتِ البطريركيّة اللّاتينيّة مدارسها الأولى لتغطية مناطق تفتقر إلى التّعليم. واليوم تُدير 13 مدرسةً وروضةً في فلسطين، ومن أبرز خرّيجي مدارس اللّاتين: البطريرك ميشيل صباح (بيت جالا)، والشّاعر فهد أبو خضر (الرينه)، ورئيس بلديّة جنين والخليل وإربد الأسبق عادل زواتي، والمهندس في دار الهندسة سهيل عودة مدانات (رام الله).

أمّا في الأردن، فقد بدأتْ أوّل مدرسةٍ للّاتين في مدينة السّلط عام 1869، لتتحوّل مع الوقت إلى شبكةٍ تضمُّ 42 مدرسةً وروضةً. من أبرز خرّيجيها الموسيقار زيد الديراني، والأب د. مجدي السرياني (الأساسيّ في مادبا والثّانويّة بيت جالا) رئيس محكمة الاستئناف اللّاتينيّة في عمّان. أيضًا من خرّيجي مدارس اللّاتين غادة بطرس رائدة أعمالٍ اجتماعيّةٍ، د. رنا دجاني عالمةٌ، ومُعلّمةٌ، ورائدة أعمالٍ اجتماعيّةٍ، نادية السعودي مهندسةٌ صناعيّةٌ وناشطةٌ في مجال حقوق الإنسان والمرأة. ومن الإنجازات الحديثة أنَّ الطّالب أحمد فايز الجعالين من مدرسة اللّاتين في عمّان حصل على مُعدّل 99.75% في امتحان التوجيهي 2024، فيما حازت الطّالبة غزل علي الدردساوي على المركز الثّاني على مستوى المملكة.

تأسست المدرسة الاهلية للبنات التابعة للكنيسة الأسقفية عام 1926 ومن أبرز من تخرج منها: الوزيرة الحالية ياسرة غوشة والوزيرات عالية بوران، وماري قعوار، وهاله بسيسو لطوف، وريم أبو حسان والنائبة ريم بدران والناشطة الاجتماعية سوسن المجالي والإعلاميات رندة كرادشة ورنا الصباغ وكارولين فرج و أسيل الخريشا والطبيبات دينا الزقة وأسيل الجلاد وطروب خوري.

مدارس النّاصرة وحيفا والقدس: قاماتٌ أدبيّةٌ وسياسيّةٌ

  • من مدرسة راهبات عينطورة (1880) تخرَّجَتِ الكاتبة الشّهيرة مي زيادة (1886-1941).
  • مدرسة المسيح الإنجيليّة الأسقفيّة في النّاصرة (1851) شكَّلَتْ نواةً للتّعليم الحديث، فيما تخرّج من مدرسة مار يوحنّا الإنجيليّة في حيفا (1868) السّياسيّ أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة ,وخرجت مدرسة القدس يوسف (المطران- الناصرة) البروفيسور حسام الحايك، عالمٌ في النانو تكنولوجيا.
  • من راهبات الورديّة في القدس تخرَّجتِ الصّحفيّة الرّاحلة شيرين أبو عاقلة (قناة الجزيرة)، والصّحفيّة شروق الأسعد (إذاعة مونت كارلو).
  • كلّيّة مار الياس التّربويّة في عبلين (1962) خرَّجَتِ المحامي والنّائب السّابق أسامة السعدي.
  • أمّا مدرسة المُطران (سانت جورج) في القدس (1899)، فكانَتْ منبعًا للمُفكّر إدوارد سعيد، والشّاعر إبراهيم طوقان، والتّربويّ أحمد سامح الخالدي، والدّبلوماسيّ زكي نسيبة، ورئيس جامعة القدس الأسبق د. سري نسيبة.

المدارس اللّوثريّة و السالزيان

بدأ التّعليم اللّوثريّ مع مدرسة طاليثا قومي في القدس عام 1851، وانتقلَتْ إلى بيت جالا بعد النّكبة، ثمَّ مدرسة بيت ساحور (1901)، والمدرسة اللّوثريّة في رام الله (1966). ومن خرّيجيها الفنّان التّشكيليّ سليمان منصور، والمُطران منيب يونان، الرّئيس الأسبق للاتّحاد اللّوثريّ العالميّ.
 أمّا مدرسة السالزيان المهنيّة (1859)، فقد خسرَتْ فروعها في يافا والقدس وحيفا بسبب الحروب، لكنّها ازدهرت في بيت لحم والنّاصرة. ومن خرّيجيها المهندس محمد بيطار (مؤسّسة سينمانا)، والمُلحِّن أسامة زهر.

تأسَّسَتِ المدرسة المعمدانيّة في الناصرة عام 1935، ومن خرّيجيها القاضي توفيق كتيلي، الدُّكتورة حنين جبالي، الصّحفيّة ربى ورور، والمُفكّر عزمي بشارة، مدير المركز العربيّ للأبحاث في الدوحة. وقد انتُخِبَ خرّيجها ومديرها بطرس منصور رئيسًا للتّحالف الإنجيليّ العالميّ.

تأسست راهبات الناصرة في عمان عام 1951 وقد تخرج منها الوزيرات ريما خلف وسيما بحوث ومها الخطيب

في عمّان تأسَّسَتِ المدرسة المعمدانيّة عام 1974 في منطقة الرابية، وقد ضمَّتِ المدرسة على مدى السّنوات أبناء وبنات الأسرة الملكيّة، ومنهم: الأميرة هيا بنت الحسين، والأميرات سمية ورحمة وبديعة بنت الحسن، وغازي وفرح أبناء الأميرة سمية بنت طلال، والنّائب في مجلس النوّاب الأردنيّ الحاليّ المحامية دينا عوني البشير.

تميَّزتِ المدارس المسيحيّة بمناهج حديثةٍ ونهجٍ شموليٍّ يدمج بين الطُّلّاب من مُختلف الخلفيّات. في عمّان تأسَّسَتِ المدرسة الوطنيّة الأرثوذكسيّة عام 1957، ومن خرّيجيها رئيس الوزراء الأسبق سمير زيد الرفاعي، والنّاشطة النسويّة سلمى النمس، والوزير الأسبق مروان جمعة، والصّحفيّة ندين النمري.

 تميُّزٌ وريادة

مدرسة شميدت للبنات – القدس

تأسَّسّتْ مدرسة شميدت للبنات عام 1886 برعاية الجمعيّة الألمانيّة للأراضي المُقدّسة. منذ 2008 أصبحت جزءًا من شبكة المدارس الألمانيّة في الخارج، وحصلَتْ على ختم الجودة “مدرسةٌ ألمانيّةٌ مُمتازة” عام 2015. من خرّيجاتها: الشّاعرة سلمى الخضراء الجيوسي، والباحثة بيان نويهض الحوت، والوزيرة السّابقة لميس العلمي، ووزير الخارجيّة الفلسطينيّ الحاليّ فارسين أغابكيان.

مدارس الفرير: من القدس إلى عمّان

افتُتِحَتْ مدرسة الفرير في القدس عام 1876، كأوّل مدرسةٍ كاثوليكيّةٍ لجمعيّة “إخوة الفرير”، وأصبحَتْ مُختلطةً عام 1999. من خرّيجيها الجرّاح الأردنيّ داود حنانيا، والسّياسيّ الفلسطينيّ موسى العلمي، ورجل الأعمال طلال ناصر الدين، والكاتب غسّان كنفاني.

وفي عمّان، افتُتِحَتْ مدرسة الفرير عام 1950 لخدمة اللّاجئين الفلسطينيّين بعد النّكبة، وخرّجَتْ وزير الخارجيّة الأسبق ناصر جودة، الوزير علاء البطاينة، ومدير الأمن العامّ الأسبق حسين المجالي.

كُلّيّة يافا الأرثوذكسيّة أُنشِئَتْ عام 1921، ولكنَّها أُغلِقَتْ بعد وقوع النّكبة عام 1948. وكان قد تخرَّج من المدرسة الأرثوذكسيّة في يافا المُناضل الفلسطينيّ جورج حبش. (تفاصيلٌ عن مدرسة مار متري في القدس القديمة من خلال مقابلةٍ خاصّةٍ لـ ملح الأرض مع الدُّكتور عودة قواس) اقراء هنا

الأرمن، السّريان، الأقباط، والإنجيليّون

للجالية الأرمنيّة حضورٌ قديمٌ في القدس منذ القرن الرّابع الميلاديّ، إذ أسَّس الرُّهبان الأرمن مدارس حافظَتْ على الهويّة الثّقافيّة للأرمن. وفي عمّان، أُنشِئَتْ مدرسة يوزباشيان كولبنكيان عام 1962، لكنّها أُغلِقَتْ لاحقًا بسبب قلّة عدد الطُّلّاب. إلى جانبها، تأسَّسَتْ مدارسٌ للأقباط والسّريان والكنائس الإنجيليّة مثل المدرسة النّاصريّة في عمّان والزرقاء، ومدرسة الأمل في بيت جالا التي تأسست عام 1961 من قبل طائفة المانونيت.

التّعليم المسيحيّ: رؤيةٌ شاملةٌ ودمجٌ رائد

المدارس المسيحيّة في فلسطين والأردن لم تكُنْ مُجرَّد مؤسَّساتٍ تعليميّةٍ، بل كانت بيئاتٍ حاضنةً للكفاءات، والقيادات المُستقبليّة، والمبادرة للتَّغيير والإصلاح. ففي عام 1975 كانَتِ المدرسة الوطنيّة الأرثوذكسيّة أوّل من أدخل نظام التّعليم المُختلط،

وفي عام 2014 طبقت أكاديميّة التّحالُف الأردنيّة المملوكة من كنيسة الاتّحاد المسيحي الإنجيليّة، بإدخال نظام الدّمج للطّلبة من ذوي الإعاقة مع باقي الطّلبة في بناءٍ صُمِّم وشُيِّد ليكون مُهيَّأ للجميع، الأمر الّذي أصبح الآن قانونًا يهدف إلى تحويل كافّة مدارس الأردن للنّظام الدّامج خلال عشر سنواتٍ.

مدارسٌ صنعَتْ قادة

لم تكُنْ هذه المدارس مُجرّد مؤسَّساتٍ تعليميّةٍ، بل شكَّلَت فضاءاتٍ مُلهمةً لصناعة القيادات الثّقافيّة والسّياسيّة والفكريّة. فقد تميّزَتْ بتخريج نُخبةٍ من رؤساء وزراء، ووزراء، وفنّانين، وقضاة، وأكاديميّين، وصحفيّين، وظلَّتْ تحمل رسالةً إنسانيّةً تستند إلى إرثٍ طويلٍ من الانفتاح والعدالة والتَّميُّز. واليوم، تواصل المدارس المسيحيّة في فلسطين والأردن أداء رسالتها التّربويّة، لتبقى مناراتٍ للعلم والتّنوير في الحاضر والمستقبل.

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment