السابق “البربارة” طبقٌ دافئٌ يجمع العائلة والأصدقاء- فيديو وصور
رابط المقال: https://milhilard.org/vkku
تاريخ النشر: ديسمبر 4, 2024 11:34 ص
رابط المقال: https://milhilard.org/vkku
بقلم: وسام قعوار
يتراكض النّاس بشكل يوميّ لكسب المال، و نزاعات كثيرة تقوم بين العائلات بسبب المال، فهل المشكلة هي بالمال أم بمحبّة المال؟
بهذا الصَّدَد دعونا نَرجِع للأصل الّذي نشأتْ بسببه فكرة العملة وما الّذي يجعل موضوع حديث بعض النّاس وشغلها الشّاغل هو المال.
قبل عصورٍ كانت النّاس تستخدم أسلوب المقايضة أو المبادلة بالتّجارة أو بالتّداول اليوميّ، لكن هذه الطّريقة أصبحَتْ غير عمليّة بمعنى أنَّك لا تستطيع حَمْل كلّ الأشياء بجيبك فمن الأسهل أنْ يكون هناك ورقة أو عملة خفيفة الحَمِل قابلة للتّداول تَحمِل قيمةً مُعيّنةً، و يضاف إلى ذلك أنَّ أسلوب المبادلة أحيانًا يكون غير قابل للتّجزئة.
هذه هي بعض الأسباب الّتي نشأتْ بسببها فكرة العملة، والعملة تَحمِل قيمةً معيّنةً وتحَمِل خِتم البنك المركزيّ وتصبح رسميَّةً للتّعامل.
الإنسان بطبيعته يسعى لتلبيّة حاجاته وإشباع أكبر قَدر من الرّغبات والمتعة الحلال، وهذا شيء طبيعيّ في الإنسان، فأين المشكلة إذن وما الّذي جعل المال مصدر قلقٍ وإنشغالٍ لمعظم النّاس؟
للإنسان حاجاتٌ أساسيّةٌ في الحياة مثل الطّعام والشّراب والملبس والمسكن وللّذين عندهم حاجة ورغبة للزّواج والّذي أحّد أهدافه ممارسة الميول الطّبيعيّة للإنسان بالطّريقة الّتي شرَّعها الله. وعندما يَصِلُ الإنسان إلى مرحلة بحيث أنَّ حاجاته الأساسيّة غير مُسدَّدة يشعر بشعورٍ من عدم الرّضى و الضّجر و لربّما القلق إن لم يكن هناك مصدر دخل يكفي للُقمة العيش.
دعوني أذكُر أيضاً أنَّ ليسَ جميع النّاس بنَفس القدرات والمؤهّلات العلميّة ولربّما لم يستطيعوا أن يتقدّموا أكثر من مرحلة التّعليم الأساسيّ، فهؤلاء تجدهم قلقين وشغلهم الشّاغل هو فقط تدبير لُقمَة العيش. ويضاف إلى ذلك أنَّ الحدّ الأدنى للأجور برأيي غير مُنصِف. ولربّما تعرَّض البعض للظُّلم أو سُلِبَت و سُرِقَت حقوقه، فما هي النّقاط الّتي أريد إيصالها لك عزيزي القارئ من خلال هذه المقالة؟
كما شرحت سابقاً في المقدّمة فإنَّ مجموعةً من النّاس قلقها الدّائم هو تدبير لقمة العيش أو حاجات أخرى، فعندما يقوم أحّد مُعيَّن بأخذ مالٍ ليسَ من حقِّه فهذا يضرُّ بهؤلاء النّاس ويُدخِلهم في ضيقات ومشاكل لا تُوصَف و هذا بنظر الله يسمّى ظُلمًا و سرقة.
إنَّ من أهمّ النّقاط الّتي أريد إيصالها من خلال هذه المقالة وبناءً على ما أراه في المجتمع هي التّالية:
أوّلاً:
ما المنفعة بأنْ يذهب فلان إلى مكان العبادة ويؤدّي الصّلاة و يعود إلى بيته وفي حوزته حقٌّ لأناسٍ آخرين، ظنّاً منه أنّه يَستغفِر الله دون أن يُعيد المال الّذي سَلبُه أو ظنّاً منه أنَّه قد كفَّر عن سيّئاته بذهابه إلى مكان العبادة؟!!!
هناك مبدأ أريد أن أستودعه في حسابك يا عزيزي القاريئ هو (ردّ المسلوب)، أي أنْ يَرُدَّ الشّخص الشّيء الّذي سَلبُه إلى أصحابه وليسَ فقط أنْ يذهب إلى مكان العبادة للتّكفير والإستغفار. والإستغفار دون ردِّ المسلوب هو باطلٌ ولا نفع له ولا يظُنّ ذلك الإنسان أنَّ صلواته ستنفع شيئاً.
“ردّ المسلوب هو بداية طريق التّوبة الحقيقيّة و التحوُّل إلى الله”.
ثانياً:
دعوني الآن أذكر لكم بعض المفاهيم الخاطئة الّتي وردت إلى مسمعي أثناء عملي بإحدى الشّركات والّتي أعتقد أنَّها ليسَتْ هكذا بنظر الإله الحيّ، وهي مجرّد أفكار العصر الحاليّ.
-الإنسان يُقاس بما يَملِك. “معك دينار بتسوى دينار معك ألف بتسوى ألف”، وهذا المبدأ خاطئ جدّاً و الّذي تسبَّبَ في ظهوره هو ظهور النّظام الرّأس ماليّ في العالم وهذا النّظام لا يأخذ بعين الإعتبار النّاس الضّعيفة أو المريضة أو الّتي لا تَملِك شيئاً و هذا ليسَ رأي الله بالموضوع.
-يعتقد بعض النّاس أنَّه إذا أصبح مليونيراً فهذا سيُسبِّب له السّعادة والأمان، وإذا نجح شخص وأصبح مليونيراً فتجدُه يبحث عن المليون الثّانية أو الثّالثة. وليسَ هذا هو مصدر الأمان.
الإنسان لا يضمن حياته ليوم واحد للمستقبل. لا ينفع المال شيء إذا كان الإنسان لم يَحسِم قرار موضوع حياته الأبديّة وهو على الأرض.
“لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟” (مر 8: 36). من أقوال السيّد المسيح.
عمِلت لفترةٍ مع شخصٍ مليونير وأشهد لك عزيزي القارئ أنَّ الملايين الّتي معه لم تُعفِهِ أنْ يكون مريضاً و لديه أمراض لا يوجد لها حلّ بكلّ أمواله. لربّما هناك إنسان بحالة اجتماعيّة متوسّطة أو ربّ أسرة بوضع عادي يعيش أسعد منه. و بإعترافه الشّخصي و بينما كان يتحدّث مع العاملين معه وكان هذا على مسمعي “نحن الأغنياء لدينا مشاكل أخرى أنتم لا تعرفونها”.
أذكر أيضاً قصّة واحد من أصحاب الملايين والفلل، عنده أولاد متخلّفين تخلّفاً عقليّاً كاملاً ولا يوجد له ولد أو بنت ذات صحّة عقليّة، فهل تعتقد أنَّ الملايين أدخلَت إلى قلبه السعادة.
وهناك أيضاً من أصحاب الملايين الّذين أولادهم من المتهوّريين و يدخلون في مشكلة ويخرجون من مشكلة.
فهل بإعتقادك يا عزيزي القارئ أنَّ المال لوحده ومن خلال سَرد هذه الأمثلة هو مصدر السّعادة الوحيد، أو هل تعتقد في نفسِك أنَّك لو كنت مليونيرًا مع مشاكل مثل هذه ستكون في قمّة السّعادة.
-ليس من الخطأ أن يكون الإنسان غنيّاً أو مزدهراً بشرط ألّا يكون هذا الغِنى على حساب مضرَّة الآخرين و سَلب حقوقهم.
-المال ليس كلّ شيء و يجب كَسبه بطُرق مشروعة وأن ينتبه الإنسان لئلّا يكون المال على حساب خسارته للحياة الأبديّة أو بمعنى آخر عدم إدراك ملكوت الله في القلوب.
“حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك”.
-ليسَتْ كثرة الأموال هي مصدر السّعادة والمال هو وسيلة ضروريّة ولكنّه ليسَ الهدف الرّئيسيّ للحياة.
من أمثال السّيد المسيح والمذكورة في إنجيل لوقا الإصحاح 12 العدد 15-21: وقال لهم:”أنظروا و تحفَّظوا من الطَّمَع. فإنّه متى كان لأحّد كثير فليست حياته من أمواله”.
و ضرب لهم مثلاً قائلاً: “إنسان غنيّ أخْصَبت كورته ففكَّر في نفسِه قائلاً: “ماذا أعمل لأنّ ليس لي موضع أجمع أثماري فيه؟” وقال:
“أعمل هذا. أهدم مخازني وأبني أعظم وأجمع هناك جميع غلّاتي وخيراتي وأقول لنفسي: “يا نَفْسُ لك خيرات كثيرة موضوعة لسنين كثيرة. إستريحي وكلي و اشربي و افرحي”.” فقال له الله: “يا غبي هذه اللّيلة تُطلَب نفسَك منك. فهذه الّتي أعددتها لمن تكون؟!!”
هكذا الّذي يكنز لنفسِه وليس هو غنياً لله”.
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.