ملح الأرض- خاص

استأنف غبطة الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للّاتين، زياراته الرعويّة بعد عودته من الفاتيكان، إلى مدينة بيت ساحور، وذلك في الفترة ما بين 22 و25 أيّار 2025.

وجاءت هذه الزّيارة لتؤكِّدَ التزام الكنيسة بالوقوف إلى جانب مؤمنيها في ظلِّ الأوضاع الاجتماعيّة والسّياسيّة المُعقّدة، وقد شملَتِ الزّيارة سلسلة من اللّقاءات الرعويّة والاجتماعيّة، استمع خلالها إلى تطلُّعات أبناء الرّعية وهمومهم، مؤكِّدًا من خلال كلماته الأبويّة على حضور الكنيسة الدّائم ومرافقتها للنّاس وسط التحدّيات.

رفعت قسيس، المنسِّق العام لحركة كايروس فلسطين وائتلافها الدوليّ قال في تصريحٍ خاصٍّ لـ ملح الأرض: “إنَّ هذه الزّيارة وفي هذا الوقت بالتّحديد كان لها صدى إيجابيّ على سُكّان بيت ساحور في مختلف طوائفه وعلى المسلمين أيضًا الّذين كان لهم نصيب في هذه الجولة من خلال زيارة الجمعيّة الخيريّة الإسلاميّة”.

وتابع قسيس: “زيارة بيت ساحور هي تتمّة زيارة البطريرك إلى غزّة في وقتٍ سابقٍ، والّتي كان لها أثرٌ كبيرٌ على مسلمي غزّة والمسيحيّين أيضًا على حدٍّ سواء، حيثُ أبدى غبطته التّضامُن معهم وهو شيء يُسجَّل للبطريركيّة الّتي تقوم بأعمال جيّدة جدًّا على المُستوى الإنسانيّ، والتّنسيق مع مُختلف الكنائس لإرسال صوت المسيحيّ الواضح ضدَّ القتل والإبادة ووقف الحرب وإنهاء الاحتلال”.

وقال لـ ملح الأرض: “جاءت زيارة بيت ساحور من أجل التّضامُن مع مسيحييّ المُحافظة والفلسطينيّين بشكلٍ عام. بيت لحم من المحافظات المُستهدفة بشكلٍ منهجيّ من قبل قوّات جيش الاحتلال مثل مُصادرة الأراضي وبناء الجدار وزيادة عدد البوّابات الحديديّة الّتي تفصل المدن عن القرى وزيادة الطُّرق المغلقة. اليوم عُنف المستوطنين لم يترك مجال للنّاس للعيش الآمن في بيت لحم فهي محافظة منكوبة ووجود غبطته في هذه الزّيارة مع أهالي بيت ساحور كان له صدى جيّد على الجميع”.

وأشار قسيس أنَّه تمَّ تقديم بعض الطلبات لغبطة البطريرك من أجل دعم المُبادرات والأنشطة المُجتمعيّة الّتي يقوم أهالي بيت ساحور بتنفيذها بمبادرةٍ خاصّةٍ وجهد خاصٍّ منهم، وسط وجود تفاؤل من الأهالي بتنفيذ هذه المطالب. وقال: “اليوم نحن بأشدِّ الحاجة لوجود قادة الكنائس مع الأهالي في المُحافظات لأنّه للأسف هناك زيادة في” التّهجير القسريّ” نتيجة الوضع الاقتصاديّ والسّياسيّ السيّئ وعدم الاستقرار الأمنيّ وعُنف المُستوطنين، لذلك وجود قادة الكنائس مع المسيحيّين في هذه المرحلة وتفاعُل القيادات مع المواطنين شيء مهم جدًّا ونطالب بزيارات مماثلة من قادة آخرين”.

وقال رأفت الشوملي لـ ملح الأرض “كانت زيارة غبطة البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا إلى مدينة بيت ساحور حدثًا مهمًا ومميزًا لنا جميعًا، لما تحمله من دلالات روحية وإنسانية عميقة في وقت نحتاج فيه إلى التضامن والدعم. خلال زيارته لمؤسستي التي تعمل في مجال السياحة المجتمعية، قدمت له شرحًا مفصلاً عن نشاطنا، وأخبرته بأن السيد المسيح لو كان حاضرًا بيننا اليوم، لفعل كما فعل غبطته — يزور الأحجار الحية قبل الكنائس، أي الناس.

لقد جسّد غبطته هذا المعنى من خلال اهتمامه الكبير بنا، حيث استمع إلينا بإنصات ومحبة، وصلى وبارك المكان. إن هذه الزيارة لم تكن مجرد لقاء عابر، بل كانت رسالة دعم وتشجيع تعزز من روح الأمل والتكاتف في مجتمعنا، وتركت أثرًا عميقًا في نفوسنا وشعورًا بالدعم المعنوي والروحي الكبير.

ووصف رأفت شوملي مؤسس Peace by Piece Tours في حديث لـ ملح الأرض الزيارة بأنها ” حدثًا مهمًا ومميزًا لنا جميعًا، لما تحمله من دلالات روحية وإنسانية عميقة في وقت نحتاج فيه إلى التضامن والدعم. خلال زيارته لمؤسستي التي تعمل في مجال السياحة المجتمعية.”

وقال شوملي “قدمت له شرحًا مفصلاً عن نشاطنا، وأخبرته بأن السيد المسيح لو كان حاضرًا بيننا اليوم، لفعل كما فعل غبطته — يزور الأحجار الحية قبل الكنائس، أي الناس. لقد جسد غبطته هذا المعنى من خلال اهتمامه الكبير بنا، حيث استمع إلينا بإنصات ومحبة، وصلى وبارك المكان. إن هذه الزيارة لم تكن مجرد لقاء عابر، بل كانت رسالة دعم وتشجيع تعزز من روح الأمل والتكاتف في مجتمعنا، وتركت أثرًا عميقًا في نفوسنا وشعورًا بالدعم المعنوي والروحي الكبير”.

النّاشط الشّبابيّ ماهر عواد من جمعيّة القدّيس يوسف في بيت ساحور علّق على هذه الزّيارة قائلًا: “توقيت الزّيارة في ظلّ الحرب على غزّة والضفّة الغربيّة، جعل لهذه الزّيارة أهمّيّة كبيرة، خاصّةً أنَّ أعداد المسيحيّين في فلسطين تقلُّ باستمرار”.

وقال في تصريح لـ ملح الأرض: “الزّيارة أتت بعد انتخاب بابا جديد للڤاتيكان، وأنَّها من طرف البطريرك اللّاتينيّ، لكنَّه زار كافّة كنائس المدينة، وكافّة مؤسَّساتها حتّى الإسلاميّة منها، وهو ما أعطى زخم أكبر لهذه الزّيارة”. وختم حديثه: “نتطلّع لمزيد من الزّيارات والدّعم لمسيحيّي فلسطين، كي لا نشعر أنّنا أقلّيّة أو تركنا وحيدين، فنحن جزء أصيل من هذه الأرض وسنبقى كذلك”.

تفاصيل الزّيارة والصّور من صفحة البطريركيّة اللّاتينيّة في القدس

استُهِلَتْ زيارة الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، باستقبال شعبيّ ورسميّ عند مدخل المدينة، حيثُ شكّلَتْ مجموعة كشّافة دير اللّاتين ممرًّا كشفيًّا احتفاليًّا، وكان في مُقدّمة مُستقبليه المُطران وليم شوملي، النّائب البطريركيّ العام، والأبّ عيسى حجازين، كاهن رعيّة بيت ساحور، والأبّ عمانوئيل، الكاهن المُساعد، بالإضافة إلى عددٍ من كهنة الكنائس الشّقيقة، إلى جانب وزير السّياحة السيّد هاني الحايك ورئيس بلديّة بيت ساحور السيّد إلياس إسعيد، وعددٌ من ممثّلي الأجهزة الأمنيّة والرّسميّة في المدينة.

وشملَتْ جولته زيارات ميدانيّة بدأتْ من بلديّة بيت ساحور حيثُ اطلع خلالها على مشاريع مُستقبليّة تُعنى بالشّباب والإسكان، وتوفير فرص العمل. تلاها زيارة جمعيّة “مسار فلسطين التُّراثيّ”، ومن ثمَّ توجَّه غبطته إلى موقع بئر السيّدة العذراء، وشملَتِ الجولة أيضًا زيارة الكنائس الشّقيقة في المنطقة، بدءًا بكنيسة الآباء والأجداد للرّوم الأرثوذكس، والكنيسة الإنجيليّة اللّوثريّة، وكنيسة “سيّدة الرّعاة” للرّوم الكاثوليك، ومن ثمَّ انتقل إلى زيارة المدرسة التّابعة للكنيسة.

كما شملَتِ الجولة زيارة بيت الرُّهبان الكوريّين وكنيسة القدّيس يوحنّا الدّمشقيّ للرّوم الأرثوذكس الّتي لا تزال قيد الإنشاء، بالإضافة إلى لقاءٍ جَمَعَهُ مع جمعيّة مار منصور وزيارة للنّادي الأرثوذكسيّ الثّقافيّ العربيّ، حيثُ تعرَّفَ على مرافقه الرّياضيّة والثّقافيّة، من ملاعب وحدائق ومسرح وصالة رياضيّة.

كما شارك غبطته في الطّابور الصّباحيّ لمدرسة البطريركيّة، وزار الرّوضة ثمَّ توجَّه إلى مدرسة الفرح لصعوبات التعلُّم، حيث اطلع على مرافق المدرسة وشاهد عروضًا فنّيّة متنوِّعة قدَّمها الطلّاب. بعد ذلك، زار نادي المُسنّين، وجمعيّة الملاذ الخيريّة للشّباب من ذوي الإعاقة الذّهنيّة، إضافة إلى مركز الواحة للأشخاص ذوي الإعاقة العقليّة، والاتحاد النّسائيّ العربيّ. كما شملَتِ الزّيارات مركز “جذورنا”. وفي وقتٍ لاحقٍ، قام غبطته بزيارة الجمعيّة الإسلاميّة الخيريّة وتُوِّجَ اليوم الأخير بالقُدّاس الإلهيّ.