السابق لقاء مع الخوري الماروني جوزف سويد منتج نشيد “يَا مَلِكنا يَا ثَـروِتنَا”
رابط المقال: https://milhilard.org/wulf
عدد القراءات: 997
تاريخ النشر: فبراير 8, 2024 11:54 م
القس نور سهاونه راعي كنيسة الاتحاد المسيحي في المفرق
رابط المقال: https://milhilard.org/wulf
ألقى القس نور السهاونه راعي كنيسة الاتحاد الإنجيلي في المفرق “الخميس، كلمة ضمن أسبوع الوئام وبحضور محافظ المفرق إسلام نجاد طالب خلالها ضرورة فصل الدين عن السياسة وقدم تجربة كنيسة الاتحاد المسيحي في الأردن وفلسطين كنموذج لمبدأ العيش المشترك والوئام بين الأديان ننشر عدة فقرات من كلمته:
إننا نجتمع اليوم وفي القلب فرح مخلوط بغصة. هذا الفرح الذي عم كل الأردن وقلوب الأردنيين داخل وخارج الأردن والكثير من الأصدقاء والمحبين بتأهل منتخب النشامى للمباراة النهائية على كأس آسيا لكرة القدم. إن هذا الفرح ليس لإنجاز كروي، بل هو فرح من رحم معاناة ومأساة ومن تحت الدمار، وهو فرح مخلوط بغصة وهذه الغصة اسمها غزة. إننا كلما فرحنا لأمر ما وأكلنا وشربنا لا ننسى أحبائنا في غزة وخصوصاً الأطفال الذين لا يعانون فقط من الحرب، ولكن يتألمون لسؤال حائر وهو (ما هو ذنبي؟).
إن الحرب على غزة ليست قضية فلسطينية عربية فحسب، بل هي الآن قضية عالمية، فقد عرت هذه الحرب كل الشعارات الغربية التي تنادي بحماية وحقوق الطفل والحق في الحياة والتعليم والسكن وغيره، إن ما نراه في غزة هو حرب إبادة وتطهير عرقي وفصل عنصري. لقد تجاوزت هذه الحرب كل المقاييس والقوانين العالمية والأديان والأعراف، وسط صمت، بل ودعم مكشوف وغير مكشوف للكيان الصهيوني الغاصب.
أود أن أشير إلى أن هذه الحرب ليست حرب يهودية مسيحية على المسلمين والمسيحيين في بلادنا، بل هي حملة استعمارية صهيونية هدفها ليس الدين، بل المال ودافعها الطمع، وهي شبيهة بالحروب الاستعمارية والتي أخذت طابعاً واسما دينيا، ولكنها بعيدة كل البعد عن الدين، وكما قال أمير الشعراء أحمد شوقي مخاطباً الضابط والإداري البريطاني (إدموند اللنبي) الذي قاد قوة للاستيلاء على فلسطين وسوريا عامي 1917 و1918:
يا فاتح القدس خل السيف ناحية ليس الصليب حديدا كان، بل خشبا
إذا نظرت إلى أين انتهت يده وكيف جاوز في سلطانه القطبا
علمت أن وراء الضعف مقدرة وأن للحق لا للقوة الغلبا
ولذلك فإن من معززات الوئام بين أصحاب الأديان هو فصل الدين عن السياسة والحقوق والحريات، ومن هنا أود أن أنبه لمحاضير جعل القضية الفلسطينية قضية دينية بحتة، فالقضية الفلسطينية ليست فقط المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، بل هي قضية شعب محاصر ومحروم من أبسط حقوقه وقضية اللاجئين منذ ستة وسبعون سنة.
أود أن أشير إلى أن هذه الحرب ليست حرب يهودية مسيحية على المسلمين والمسيحيين في بلادنا، بل هي حملة استعمارية صهيونية- القس نور سهاونه
فعندما قتل قايين اخاه هابيل، لم يكن هناك أديان وقوانين ومحاكم وسجون، بل كان الله الذي سأل قائين (أين أخوك) فأجاب بكل وقاحة (أحارس أنا لأخي)، فقال له الله (صوت دم أخيك صارخ إلى من الأرض). إن السؤال ما زال يطرح لكل واحد منا (أين أخوك)، وأخي ليس فقط من يؤمن بما أومن، بل هو أخي في الإنسانية، وهذا المبدأ هو الذي دفع بدولة جنوب أفريقيا أن تقف مع أهل غزة أمام محكمة الجنايات الدولية.
إن دولة جنوب أفريقيا بعيدة كل البعد جغرافيا ودينياً و عرقيا وثقافيا عن أهل غزة، ولكنها استجابت لصوت الإنسانية.
وهناك سؤال آخر وهو أول سؤال تم توجيهه من الله للإنسان وهو (آدم آين انت). ولذلك فإننا سنبقى نصارع بعضنا البعض إلى أن يكون عندنا إجابات صحيحة لهذين السؤالين (أين أنت) و (أين أخوك)، فمن لا يختبئ من إلهه سيبحث عن أخيه في الإنسانية ليقف معه.
و في هذا السياق لا بد لي من التذكير بدور كنيسة الأردن( بصيغة المفرد)، الضاربة جذورها في تاريخ تأسيس الأردن كإمارة ودولة في ترسيخ و بث روح السلام والوئام من خلال السير بمبدأ محبة الله و القريب كالنفس ومحبة العدو ، و من خلال تفاعلها مع المجتمع المحلي بمختلف خلفياتهم الدينية و الاجتماعية و العرقية و بشتى المجالات و من خلال الهيئات المسيحية المتعددة مثل المستشفيات المسيحية و المراكز الطبية كالمستشفى المعمداني و مصح النور في المفرق ، و من خلال المدارس الموجودة في مختلف محافظات المملكة و الأديرة و الجمعيات الخيرية والثقافية كالكار يتاس و جمعية الكتاب المقدس و الجمعية الأرثوذكسية ، حيث ساهمت كنيسة الأردن بتعريف الكل بمبادئ الإيمان المسيحي أولها الإيمان بوحدانية الله و ضرورة ربط الإيمان بالعمل الصالح.
وعلى سبيل المثال لا الحصر فإنني أود الإشارة إلى بعض ما تقوم به كنيسة الاتحاد المسيحي الإنجيلية في المفرق والتي هي جزء من كنيسة الاتحاد المسيحي الإنجيلية في الأردن والأراضي المقدسة (رغم الاحتلال لكننا ما زلنا محتفظين باسم الأراضي المقدسة) التي تم تسجيلها في القدس سنة 1890 ومن ثم انتقل نشاطها لشرق الأردن في مادبا سنة 1921 حيث تم توثيق تسجيلها في نظارة العدلية سنة 1927 وتعريب تسجيلها في وزارة العدل سنة 1978.
لقد بدأت كنيسة الاتحاد في المفرق سنة 1948 عندما كان في المفرق قبل سنة 1950 أربعة كنائس وجامع واحد، واستمرت لغاية الآن في ممارسة العبادة وخدمة المجتمع المحلي بمختلف خلفياته، حيث تقدم الكنيسة مختلف الخدمات الاجتماعية والخيرية لجميع الناس بغض النظر عن الدين والجنسية وذلك من خلال تقديم مساعدات عينية وخدمية مجانية كتعليم اللغة الإنجليزية والخياطه والتصوير ودروس التقوية للطلاب ومحو الأمية وكرة القدم. لقد ساهمت الكنيسة من خلال توفير مكان آمن ومشبع بالسلام ومشترك للجميع ليكتشفوا بأن الحواجز التي بينهم هي مصطنعة وبأنهم يستطيعون قبول بعضهم البعض والعيش بسلام رغم وجود الاختلافات الدينية والعرقية والاجتماعية فلا فرق بين مسيحي ومسلم، أو أردني، أو سوري، أو عراقي، أو سوداني، أو أجنبي.
دولة جنوب أفريقيا بعيدة جغرافيا ودينياً وعرقيا وثقافيا عن أهل غزة، ولكنها استجابت لصوت الإنسانية
كما أن الكنيسة ساهمت في نقل انطباع جميل عن الأردن الآمن والجميل من خلال استضافة وفود كنسية وغير كنسية من أكثر من خمسة وستون بلد من حول العالم ووفود رسمية مثل وزير من جمهوريك التشيك والسفير الهنغاري في الأردن والذي بدوره دعاني لمقابلة وزير خارجية هنغاريا في مبنى السفارة حيث سلمني رسالة موقعة منه تتضمن تقديم عشرة آلاف يورو من دولة هنغاريا كنيسة الاتحاد في المفرق.
لقد ساهمت كنيسة الاتحاد في المفرق بتخفيف التوتر الناتج عن استضافة الآلاف من إخوتنا السوريين من خلال تقديم مختلف أنواع المساعدات لهم و للأردنيين و من خلال تحسين الوضع الاقتصادي في المفرق من خلال المباني التي قامت ببنائها و شرائها و صيانتها و من خلال الشراء المحلي للعديد من المساعدات و من خلال استضافة الآلاف من الزوار للكنيسة من مختلف دول العالم و الذين تعرفوا على الأردن الآمن و الشعب الأردني المضياف و اللطيف و ساهموا في تحسين اقتصاد الأردن من خلال العملة الصعبة التي جلبوها معهم و من خلال استخدام المطار و الأماكن السياحية و المطاعم و الفنادق و وسائل التنقل و مشتريات مختلفة.
إننا ككنيسة لم نكن نستطيع تحقيق الكثير من هذه الإنجازات لولا الدعم المستمر من عطوفة المحافظ والأجهزة الأمنية والمتمثل بتوفير الجو الآمن وتسهيل الإجراءات ومنحنا مساحة من الحرية المبنية على الثقة المتبادلة.
إننا نتطلع للمزيد من هذه الثقة والتسهيلات حيث أن الكنيسة لديها رؤية لتنفيذ ثلاثة برامج تطويرية في مدينة المفرق وهي ملاعب رياضية ونادي لكبار السن ومكان خاص للدراسة لطلاب الجامعات (study house)، ولذلك فكلنا رجاء من عطوفة المحافظ في نقل طلبنا بتخصيص قطعة أرض لهذه الغايات في مكان مناسب، حيث إن هذه الخطوة تساهم في تعزيز روح الوئام بين الجميع.
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.