
السابق Palestinian, and Palestinian Christians in particular, have lost a dear friend today.
بقلم القس منذر إسحق
كان البابا فرنسيس محبوبًا في فلسطين. أظهر تعاطفًا حقيقيًا مع الفلسطينيين، ولا سيما مع سكان غزة خلال هذه الإبادة الجماعية. تجلى حسه الرعوي في إصراره على الاتصال الدائم بالمجتمع المسيحي المحاصر في غزة، حتى من مستشفاه. قبل بضع سنوات، زار البابا فرنسيس بيت لحم.
نتذكر جميعاً صورته الشهيرة وهو يصلي عند الحائط. هذا ما كتبته عن هذه الحادثة في كتابي “الجانب الآخر من الحائط”. عندما توقف البابا فرنسيس، ولمس الحائط، وتلا صلاة، كانت لحظةً تاريخيةً حقاً أحدثت ضجةً في الأخبار العالمية. لم يستطع البابا فرنسيس إلا أن يلاحظ بشاعة هذا البناء الخرساني في قلب بيت لحم. هذا الجدار يجب أن يُقلقنا جميعاً. أمام هذا الانزعاج، لم يستطع البابا إلا أن يتفاعل ويمد يده. برد فعله هذا، لم يلمس البابا الحائط فحسب، بل لمس بشاعة الاحتلال والحرب. لمس عمق معاناتنا. بتواضع وضعف، نظر إلى الظلم في عينيه، وتحداه. ماذا قال في صلاته؟ الحقيقة هي أنني لا أريد أن أعرف.
بعض الكلمات من الأفضل ألا تُقال. ستبقى صورته وهو يقف بجانب الحائط ويصلي محفورة في ذاكرتنا إلى الأبد. بالنسبة لي، انتشرت هذه الصورة في كل مكان. على جدار مكتبي، وصفحتي على فيسبوك، وخلفية سطح المكتب. بالنسبة لنا كمسيحيين فلسطينيين، حُفرت هذه الصورة في أعماق ذاكرتنا. وعندما يسقط هذا الجدار يومًا ما (وليس إن سقط، بل متى)، قد نعود إلى هذه اللحظة وهذه الصلاة كإحدى اللحظات المحورية التي أدت إلى سقوطه. في نهاية المطاف، غادر البابا، وبقي الاحتلال والجدار. لكننا تُركنا بأمل متجدد – مدركين أننا لسنا منسيين. تُركنا بتكليف لمواصلة الرثاء للوضع الراهن، ومحاربة الظلم… والصلاة. (الجانب الآخر من الجدار، ص ١٨٢-١٨٣).
غادر البابا عالمنا اليوم، وبقي الاحتلال والجدار. والأسوأ من ذلك، أنه غادر عالمنا بينما تستمر الإبادة الجماعية في التكشف. في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كتب: “أفكر قبل كل شيء في أولئك الذين يغادرون غزة في خضم المجاعة التي حلت بإخوانهم وأخواتهم الفلسطينيين نظرًا لصعوبة إيصال الغذاء والمساعدات إلى أراضيهم… ووفقًا لبعض الخبراء، فإن ما يحدث في غزة يحمل سمات الإبادة الجماعية. يجب التحقيق فيه بدقة لتحديد ما إذا كان يتوافق مع التعريف التقني الذي صاغه الفقهاء والهيئات الدولية”.
أتساءل اليوم: هل سيحترم الملايين الذين يحزنون على وفاته في الأيام القادمة رغبته هذه؟ هل سيهتمون بأهل غزة والفلسطينيين كما فعل هو؟ رحمه الله وغفر له. لقد فقدت البشرية اليوم روحًا عزيزة.
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.
No comment yet, add your voice below!