
السابق رسالة رحمة…مبادرات مسيحيّة تصنعُ الفرق في الأردن
في قلب التعاليم المسيحية، تتجلى قيم المحبة والعطاء كركائز أساسية لبناء مجتمع متماسك ومتراحم. فمنذ العصور الأولى، جسدت الكنيسة دورًا محوريًا في دعم الفئات المحتاجة، ليس فقط من خلال المساعدات المادية، بل بروح التضامن والإخاء واليوم، تستمر المبادرات المسيحية في نشر رسالة الأمل، حيث يجتمع المتطوعون بروح الخدمة ليكونوا نورًا لمن يمرون بظروف صعبة، مؤكدين أن الإيمان ليس مجرد كلمات، بل فعل محبة يعكس جوهر المسيحية الحقيقية.
“من الألم إلى الأمل”…دعم العائلات المسيحية المحتاجة بروح العطاء
في لقاء خاص مع موقع “ملح الأرض“، تحدثت تريز الدايخ عن مبادرتها الإنسانية “من الألم إلى الأمل”، التي انطلقت بفكرة عائلية صغيرة تهدف إلى دعم العائلات المسيحية غير المقتدرة بدأت المبادرة عام 2019 بمشاركة 15 فردًا من عائلتها، وسرعان ما توسعت لتضم 45 متطوعًا، يجتمعون بروح التضامن والمسؤولية المجتمعية لتقديم المساعدة المالية والمعنوية للأسر المحتاجة وأكدت الدايخ أن المبادرة تعتمد على مساهمات الأعضاء، حيث يلتزم كل مشارك بدفع مبلغ 15 دينارًا شهريًا، مما يساعد في توفير الدعم المستمر للعائلات.
تتنوع أوجه المساعدات التي تقدمها المبادرة، ومن أبرزها “معونة عيد الميلاد” و”معونة عيد الفصح”، حيث يتم توزيع المساعدات المادية والمواد الغذائية للعائلات في هذه المناسبات لضمان احتفالها بكرامة كما أطلقت المبادرة مشروع “حقيبتي”، الذي يوفر للأطفال المستلزمات المدرسية مع بداية كل عام دراسي، مما يخفف من الأعباء المالية على ذويهم ويضمن استمرارهم في التعليم بالإضافة إلى ذلك، تقدم المبادرة دعمًا صحيًا لبعض الحالات المحتاجة، وتسهم في تغطية تكاليف دروس التقوية للطلاب، إيمانًا بأهمية التعليم في تحسين مستقبل الأجيال القادمة .
وأوضحت تريز لـ ملح الأرض أن المبادرة لا تقتصر على الدعم المادي فحسب، بل تهدف أيضًا إلى تعزيز الروابط المجتمعية وبث الأمل في نفوس العائلات التي تواجه تحديات معيشية وأكدت أن روح العطاء والتكافل التي تحرك أعضاء المبادرة تعكس القيم الإنسانية العميقة، مشيرةً إلى أن “من الأم إلى الأم” ليست مجرد حملة خيرية، بل حركة مجتمعية تسعى إلى بناء جسور المحبة والدعم بين أفراد المجتمع، لضمان حياة أكثر استقرارًا للعائلات التي تحتاج إلى المساندة.
حلم بدأ بمساعدة طفل… فتحوّل إلى رسالة إنسانية
وفي لقاء آخر أجراه ملح الأرض تحدثت الأستاذة اليسون أبو العضم، مؤسسة مبادرة “الرحمة الإنسانية – حلمي أمشي“، عن بداياتها، والتي نشأت من جهود فردية لثلاث شابات اجتمعن على هدف واحد مساعدة الأطفال المحتاجين. وتقول ” كانت البداية مع طفل بحاجة إلى عملية جراحية وعلاج طبيعي، لتتوالى بعدها المبادرات بدعم طفلة أخرى في إجراء عملية SDR للنخاع الشوكي داخل الأردن، بعد تأمين طبيب متخصص من الولايات المتحدة، بتمويل تجاوز سبعة آلاف دينار. واليوم، أصبحت المبادرة تركز بنسبة 80% على تقديم الرعاية والمساعدة الطبية للأطفال ذوي الإعاقات الخاصة، من خلال مركز “الأطفال المبتسمين”، إلى جانب تقديم الدعم الشهري لنحو 15-17 طفلاً بتمويل من جمعيات دولية ومحسنين محليين”.
أكدت الأستاذة اليسون أن المبادرة تحتضن أطفالًا يعانون من حالات متنوعة، بما في ذلك التوحد، التخلف العقلي، الشلل الدماغي، ومتلازمة داون، ولا يقتصر الدعم على الجوانب الطبية فحسب، بل يمتد ليشمل توفير بيئة آمنة ومستدامة من خلال شراكات محلية ودولية، لضمان تحسين جودة الحياة للأطفال وتمكينهم من الاندماج في المجتمع كما شددت على أهمية الاستمرارية في تقديم هذا الدعم، لضمان حصول الأطفال على الرعاية التي يحتاجونها على المدى الطويل.
وتتميز المبادرة بشبكة دعم قوية، حيث تحظى بمساندة Christian Business Jordan، التي تلعب دورًا محوريًا في الترويج لها وتعزيز مصداقيتها. كما تستفيد من جهود متطوعات من منظمة كاريتاس، حيث يتم التحقق الدقيق من احتياجات العائلات قبل تقديم أي مساعدة، لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه وفي ختام حديثها، أكدت الأستاذة أبو العضم أن “الرحمة الإنسانية – حلمي أمشي” ليست مجرد مبادرة خيرية، بل رسالة تحمل في جوهرها الإيمان بقدرة العطاء على تغيير الواقع، ورسم مستقبل أكثر إشراقًا للأطفال الذين يحتاجون لمن يمد لهم يد العون.
“المطبخ الإنتاجي “نموذج للعطاء والخدمة المجتمعية
وتحدث القائمون على مبادرة المطبخ الإنتاجي ” لـ ملح الأرض عن أهمية المشروع في دعم الفئات المحتاجة، مشيرين إلى أن المطبخ الإنتاجي لا يقتصر على توفير الطعام فقط، بل يسهم في ترسيخ قيم التضامن والمسؤولية المجتمعية بين أفراد الكنيسة، حيث يتطوعون في إعداد الوجبات وتوزيعها، ليكونوا أداة حقيقية للخدمة والمساعدة.
وأكد المسؤولون عن المبادرة في حديثهم للموقع أن الكنيسة كانت ولا تزال ركيزة أساسية في تقديم الدعم المباشر للمحتاجين، إذ تسعى من خلال هذا المشروع إلى تحقيق رسالتها الإنسانية القائمة على المحبة والإيثار وأضافوا أن العمل الجماعي داخل المطبخ الإنتاجي يعزز الروابط بين المتطوعين، ويمنحهم شعورًا عميقًا بالرضا والامتنان، إذ يرون بأعينهم تأثير عطائهم على حياة العائلات المستفيدة.
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.
No comment yet, add your voice below!