Skip to content
Skip to content

السّفير البابويّ في الأردن: دعا البابا فرنسيس إلى السّلام، لأنَّه وقف إلى جانب الضحايا، في الأرض المُقدّسة

تاريخ النشر: أبريل 28, 2025 11:28 ص
السفير البابوي في الأردن

السفير البابوي في الأردن

ننشرُ فيما يلي نص عظة هامّة للمُطران جوفاني بيترو دال توزو السّفير البابويّ في الأردن نقلًا عن موقع نورسات الأردن

عظة القدّاس الإلهيّ للبابا فرنسيس الرّاحل
(عمّان، 2025/4/24)
أيُّها الإخوة والأخوات الأعزّاء،
أيُّها الإخوة الكهنة الأعزّاء،
أصحاب السّعادة،
أعضاء السّلك الدّبلوماسيّ الأعزّاء،
السّادة مُمثّلي الكنائس المسيحيّة الكِرام،
كما تركنا القدّيس يوحنّا بولس الثّاني، تركنا البابا فرنسيس أيضًا في ثمانيّة عيد الفصح. سرّ الفصح، موت وقيامة يسوع، هُم الباب لقيامتنا.
وهكذا أرادَتِ العناية الإلهيّة أن يتركنا البابا فرنسيس في اليوم التّالي لعيد القيامة، وكأنَّها تؤكِّدُ فيه أيضًا سرّ الموت والقيامة. بالنّسبة لنا كمسيحيّين، فإنَّ قيامة المسيح هي أساس إيماننا: المسيح الّذي ينتصر على الموت هو بالنّسبة لنا الوعد، بل بالأحرى التوقُّع بأنّنا مع المسيح سوف نقوم، وأنَّ هذا سيكون عيد القيامة بالنّسبة لنا أيضًا. إنَّ لغز الموت، وسؤال ما ينتظرنا بعد الموت، يجد حلَّه في الإيمان بالمسيح، الّذي يُريد أيضًا أنْ يجذبنا إلى ما وراء الموت، نحو الحياة الأبديّة. وهذا هو أيضًا سبب رجائنا.
وقد تحدَّث البابا فرنسيس مراراً وتكراراً عن الرّجاء، وأراد أنْ يُخصِّصَ هذا العام المُقدّس للرّجاء. بالنّسبة لنا الكاثوليك، البابا ليسَ مُهمًّا فحسب، بل أساسيّ أيضًا. لأنَّ البابا يُعلِنُ لنا جميعًا عبر التاريخ جوهر الإيمان. عندما سأل يسوع الرّسُل: “من يقول النّاس إنّي أنا؟” أجاب بطرس:
“أنت المسيح ابن اللّٰه الحيّ”. هذا هو إعلان الإيمان العظيم لبطرس، وكلّ بابا يُكرِّرُ هذه الكلمات للحفاظ على الإيمان الحقيقيّ حيًّا، كما طلب منه يسوع: “ثَبِّتْ إيمان إخوتك”. البابا هو خليفة الرّسول بطرس، لأنَّه من فمه نسمع أنَّ المسيح هو ابن اللّٰه الحيّ. إنَّ ما هو أثمن بالنّسبة لنا، هو المسيح ابن اللّه الحيّ، هذا ما يُعلنه البابا ويُدافع عنه. وحدتنا كمسيحيّين تنشأ أيضًا بالإيمان. لذلك فإنَّ المُهمّة الأهم للبابا هي الحفاظ على وحدة الكنيسة، الوحدة حول الإيمان المُشترك. في الكنيسة، نحنُ جميعًا مُختلفون في الحساسيّات والثّقافة والطقوس، لكنّنا واحدٌ في الإيمان بالمسيح، والّذي يُعدُّ البابا ضامنًا له.
لقد حكم البابا فرنسيس الكنيسة لمدّة 12 عامًا، وهي سنوات صعبة، سواء في الكنيسة نفسها أو في العالم، خاصّةً إذا فكّرنا في المناطق الّتي بقربنا، على سبيل المثال الصّراعات على الجانب الآخر من نهر الأردن.
لقد طالب البابا دائمًا بالسّلام، وبالتّالي أعطى صوتًا للرّغبة العميقة لدى الجميع. في الواقع، نحن جميعًا نرغب في السّلام، والخير، والسّعادة. ولا يحقُّ لأحدٍ أنْ يحرم الآخرين من هذه الرّغبة في السّلام، والخير، والسّعادة.
ودعا البابا فرنسيس إلى السّلام، لأنَّه وقف إلى جانب الضحايا، في الأرض المُقدّسة، كما هو الحال في العديد من الأجزاء الأُخرى من العالم. وكان قريبًا بشكلٍ خاصٍّ من إخواننا في غزّة، وكان يُجري مكالماتٍ هاتفيّةٍ معهم بشكلٍ يوميّ تقريبًا، وكان يشعر بالقلق على سلامتهم وسط القنابل والعُنف.
ظهرَتْ أمس مقالة تقول إنَّ البابا فرنسيس أعرب قبل أشهرٍ قليلةٍ عن نيّته للذّهاب شخصيًّا إلى غزّة. لن ننسى أبدًا حُبَّه لشعوبنا.
وكان البابا فرنسيس أيضًا صديقًا للأردن. وقد زار الأردن في عام 2014، وفي عهده تكثَّفتِ العلاقات بين الأردن والكرسيّ الرّسوليّ. وعلى وجه الخصوص، كان البابا فرنسيس صديقًا عظيمًا – أؤكِّدُ صديقًا – لجلالة الملك عبد اللّٰه الثاني، ووصفه بأنَّه رجل سلامٍ. كانت آخر زيارة للملك للبابا في مايو 2024. وأودُّ أنْ أتقدَّم بالشُّكر العميق للملك عبد اللّٰه وحكومة المملكة على لفتات التّقدير والاحترام تجاه البابا فرنسيس بمناسبة وفاته. إنَّ أيّام الحداد الوطنيّ الثلاثة، وتنكيس الأعلام، وتعبير الملك عن تعازيه، كلّها علامة بليغة على قرب هذه المملكة من الكرسيّ الرّسوليّ. كما تعلمون، كان البابا فرنسيس يرغب دائمًا في مواصلة الحوار مع إخواننا المُسلمين.
وبالإضافة إلى رحلاته في هذه المنطقة، أودُّ أن أذكِّر هُنا بوثيقة الأخوّة الإنسانيّة الّتي وُقِّعَتْ في أبو ظبي، وهي نصُّ التزامٍ مُشترك، مسيحيّين ومسلمين، بالسّعي إلى الأخوّة والحوار والتّقارُب والاحترام المُتبادل، وليسَ إلى العنف والكراهيّة والانتقام. وهذا هو الطريق الّذي نريد أنْ نستمرَّ في السير عليه، لأنَّ المُستقبل يجب أنْ يكون مُستقبل السّلام والوئام، وليس الحرب. السّلام: حتّى في إنجيل اليوم يمنح المسيح السّلام الّذي يحتاجه العالم. أودُّ أنْ أؤكِّد على ما كان في قلب البابا فرنسيس، وهو أيضًا القناعة العميقة الّتي تُحرِّك الكرسيّ الرّسوليّ في علاقاته مع العالم: الحوار هو الطريق الصّحيح لحلّ الصّراعات، في حين أنَّ اضطهاد إنسان ضدّ إنسان آخر لا يؤدّي أبدًا إلى الخير.
أيُّها الإخوة الأعزّاء، أودُّ أيضًا أنْ أشكر، نيابةً عن الكرسيّ الرّسوليّ، العديد من الأشخاص الّذين عبَّروا في هذه الأيّام عن حزنهم لوفاة البابا. لقد قدَّره الكثيرون، لكلماته، ولتصرُّفاته، ولأسلوبه البسيط، حتّى خارج حدود الكنيسة الكاثوليكيّة. عندما نتذكَّر البابا فرنسيس، فإنَّنا نعهد به إلى رحمة الله، الّتي نحتاج إليها جميعًا. ولكنَّنا نريد أيضًا أنْ نُصلّي من أجل الكنيسة المُقدّسة، وخاصّةً أنَّ الرّبَّ يُعطي لكنيسته بابا يستطيع، مثل بطرس، أنْ يستمرّ في نشر والدّفاع عن الإيمان بالمسيح، ابن اللّٰه الحيّ. نسأل الرّبّ أنْ يسمع صلواتنا، وأنْ يُرحِّبَ بالبابا فرنسيس في ملكوته، وأنْ يوفّر لكنيسته في المُستقبل، في عالمٍ مليءٍ بالصّراعات والانقسام، بابا يكون راعيًا أمينًا وحكيمًا. آمين.

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment