السابق السلام والعيش الكريم ونهاية الحروب…أمنيات العيد المجيد والسنة الجديدة
رابط المقال: https://milhilard.org/r8fs
تاريخ النشر: ديسمبر 25, 2024 2:48 م
رابط المقال: https://milhilard.org/r8fs
اجرى الحوار- داود كُتّاب
عندما جاء الاتّصال من مركز الملك عبد الله الثّاني للتّميُّز، لم يخطر ببال الدّكتور المهندس نزار جمال حدّاد أنْ تكون الدّعوة للمشاركة في الاحتفال التّقديريّ سوى للحضور ومن باب احترام الزّمالة من مركز الملك عبد الله، كون حداد قد استقال من العمل الحكوميّ. صحيح أنَّه قبل عدّة أشهر كان قد تقدَّم بكافّة الوثائق الواجب تقديمها على كلّ مديرٍ وأمين عامّ، إلّا أنَّ اعتقاده كان بأنَّه تمَّ استبعاد ملفّه، إلّا أنَّ المفاجأة كانت بتسلُّمِه لجائزة أفضل أمين عامٍّ/ مدير عامّ في الحكومة الأردنيّة عن الأعوام 2023 – 2024. كما تمَّ تكريم المركز الوطنيّ للبحوث الزّراعيّة بجائزةٍ أيضًا عن ذات المدّة كأفضل مؤسّسةٍ حكوميّةٍ تعمل في مجال التّنمية، بعد ما كانت من المؤسّسات الّتي لم تتمكَّنْ من المنافسة على الجّائزة في الدّورات السّابقة.
التّكريم الملكيّ
يقول د. حدّاد لـ ملح الأرض: “الحصول على شرف تسلُّم وسامٍ، ويليه جائزة من جلالة الملك يُعدُّ تكريمًا استثنائيًّا بالنّسبة لي، فقد تكلَّلَ عملي في القطّاع العامّ بهذا التّقدير الاستثنائيّ. الأوّل كان بقرارٍ من الدّيوان الملكيّ الهاشميّ دون علمي وزملائي بترشيحنا لهذا الوسام الرّفيع، أمّا جائزة المركز فجاءت بإعدادٍ وتحضيرٍ وجهدٍ جماعيٍّ، ولكن ما يبعث السّرور أيضًا في القلب هو أنَّه بالرّغم من مغادرتي للعمل العامّ بعد تقديم استقالتي، إلّا أنَّ المهنيّة والنّزاهة لمركز الملك عبد الله الثّاني للتّميُّز آثرَت ألّا تستبعد ملفّي نتيجة الاستقالة، وهو ما يُبيّن شغف المركز وإصراره على تعزيز مبادئ النّزاهة والشّفافيّة في صنع قراره.”
يرتبط اسم الدّكتور حدّاد في ذاكرة المزارعين بمهرجان الزّيتون الوطنيّ، الّذي أصبح معلَمًا ومناسبةً ينتظرها المزارعون والمتسوِّقون، وبزيتون المهراس المعمِّر الّذي أصبح علامةً فارقةً في توثيق أصول الزّيتون المُعمِّر، وأغنام العواسي البلديّة، والعديد من مشاريع التّنمية الرّيفيّة والزّراعيّة. وعند سؤاله عن اختياره لتوقيت المغادرة من العمل العامّ، قال: “غادر وأنتَ في القمّة وافتح المجال لغيرِكَ ليجتهد، وغادر وأنتَ في قمّة شغفِكَ بالعمل حتّى لا تُكرِّر نفسَكَ.”
الطّفولة والشّغف المبكّر
من مواليد إربد عام 1972، بِكرُ والديه، وكان مدلّلًا لهما، وهما مُعلِّمان. ولكن جدّاه كانا مُزارعَين، وكان يستمتع بالجلوس معهما ويختلط بالمزارعِين القادمين لزيارة جدّه لأمّه الّذي كان يسكن قريبًا منه. وكان في صغره يستمتع بمجالسة ضيوفه من قرى كورة إربد، وهم يتحاورون حول الحصيدة وموسم الزّيتون والأمطار والموسم البعل. كان شغوفًا بالقراءة، وكان يقرأ “ماجد: ملحق الأطفال في جريدة الرّأي”، ثمَّ مجلّة العربيّ. ومن شدّة تعلُّقه بكتبه، شحن بعد إنهائه لدراسته في روسيا أكثر من 2000 كتاب شكّلَت بالنّسبة له ثروةً ساعدتْه في مؤلّفاته وأبحاثه.
الدّراسة والتّجربة الرّوسيّة
يقول حدّاد إنَّ سعيَه كان نحو الدّراسة في الولايات المتّحدة الأميركيّة، إلّا أنَّ حرب الخليج الأولى جعلَتْ هذا الأمر صعبًا في حينها، فوقع الخيار على الدّراسة في روسيا، حيث أمضى قرابة عشر سنوات قبل أن يحصل على شهادة الدّكتوراه، وكانَتْ أطروحَتُه تتمحور حول شغفه منذ الصِّغر في دراسة عالم النّحل.
تجربة روسيا، الّتي كانت إبان حكم غورباتشوف ونهايات البيريسترويكا مرورًا بيلتسن، كانَتْ فترةً مليئةً بالأحداث وفرصةً لتعلُّم المتغيّرات والثّقافات وصقل المهارات لِمَن كان يبحث عن التّعلُّم، وفرصةً للتّجارة والاستثمار لِمَن كان يبحث عنها. وأيضًا، كانَتْ فرصةً لِمَن بحثَ عن شهادةٍ بلا عِلم. وعقب زيارة الأردن بعد السّنة التّحضيريّة، وخلال حوارٍ مع والده حاول فيه إقناعه بأنْ يسمح له بشراء عشر بناطيل جينز لبيعها في روسيا، لأنَّ بنطالاً واحدًا يصرف ثمنه على الطّالب شهرًا كاملًا في حينها. اعترض والده بشدّةٍ قائلًا: “ببيع جاكيتي وبقرّيك (بدرّسك)، أنا باعثك تدرس مش تتاجر.”
النّصائح المهنيّة والتّخصُّص
يَعتبِر د. نزار أنَّ أهمَّ نصيحةٍ مهنيّةٍ حصل عليها ما قاله له المرحوم د. نصري حدّاد، وهو من علماء الزّراعة البارزين: “إيّاك أنْ تشتِّتَ تخصُّصك في البداية. ما تحاول تشتغل هون شوي وهون شوي، خلّي التّخصّص يرتبط باسمك.” وفعلًا، قام في بداياته بالتّركيز على بحوث النّحل، فقام مربّو النّحل بدعم فكرته بتأسيس الاتّحاد النّوعيّ للنّحّالين الأردنّيّين، الّذين انتخبوه رئيسًا له، إلى أنْ استقال من رئاسته عند تولّيه الإدارة العامّة للمركز.
زيتون المهراس
يقول حدّاد إنّه من عشّاق الزّيتون البلديّ المُعمِّر، وكان يتساءل عن سبب استخدام تسمية زيتون روميّ. فكان البعض يقول إنَّ الرّومان زرعوه في قديم الأيّام، وآخرون قالوا إنَّ “روميّ” من اللّغة “أروِمة” للتّعبير عن القِدَم. ويُردف حدّاد أنَّه أثناء قيادته لفريقٍ بحثيّ لدراسة الزّيتون المُعمِّر: “صرتُ أسألُ الفلّاحين عن الاسم الحقيقيّ، فقالوا الصّغيرة عِرق، والأكبر عود، والأكبر قرميّة، والأكبر مهراس. فقرَّرتُ أنْ أوثِّق اسم مهراس للزّيتون المُعمِّر بدل الرّومانيّ، وانتزعتُ وفريق عملي مصادقة المجلس الدّوليّ للزّيتون بأنَّ زيتون المهراس هو أصل صِنفَيّ زيتون إيطاليّ وآخر إسبانيّ. وشَهِدَ الأمر دعمًا حكوميًّا بقرار مجلس الوزراء بإصدار طوابع بريديّة باسم زيتون المهراس. كما تمَّ تقديم مشروع لمعالي وزيرة الثّقافة في حينها هيفاء النجار، وشكَّلَتْ فريقًا لتقديم ملفّ زيتون المهراس الأردنيّ لغايات تسجيله على لائحة التّراث العالميّ (اليونسكو). وقد تبنَّتْ جمعيّة جوبيا المتخصِّصة بالزّيتون الموضوع، وتمَّ طرح المنتج في عددٍ من المعارض الدّوليّة مثل باريس ومدريد.”
رسالة حداد للجميع
يُصرُّ الدّكتور نزار جمال حدّاد على أنَّ الإيمان ينعكس في العمل الصّالح والتّميُّز، قائلًا: “أنا كأردنّيّ مسيحيّ حاصل على كلّ حقوقي والّتي كَفِلها لي الدّستور، لا أُحِبُّ أنْ يُنظرَ إليّ من نافذة الدّيانة ولا أنظرُ لأحدٍ من خلالها، أنا أردنيّ أعيش أردنيّتي بكلِّ حرّيّة، ومسيحيّ أعيش مسيحيّتي بكلِّ حرّيّة أيضًا، وعلاقتي مع الله مسؤوليّتي ويجب أن تنعكس إيجابيًّا على محيطي وإلّا فلا فائدة منها، وأنا أقدِّم قيمي الإيمانيّة من خلال عملي، وتميُّزي في العمل وعلاقتي مع الجميع مبنيّة على أساس التّميُّز والإبداع في العمل، وأن يكون إيماني وعقيدتي بارزين من خلال تعاملي مع النّاس.”
السيرة الذاتية للدكتور نزار جمال حداد
وُلِدَ الدكتور نزار جمال حداد في إربد عام 1972. وهو حاصلٌ على درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في الهندسة الزراعية، من أكاديمية بلغراد الزراعية. حصل على درجة الماجستير في الإدارة والدراسات الاستراتيجية من كلية الدفاع الوطني الملكية الأردنية، فاز بجائزة الموظف المثالي في الخدمة المدنية عام 2009. عُيِّن مديرًا عامًا للمركز الوطني للبحوث الزراعية عام 2017. نال وسام الملك عبد الله الثاني ا للتميُّز من الدرجة الثانية، تقديرًا لدور المركز في تعزيز التنمية الزراعية كما حصل على جائزة مركز الملك عبد الله الثاني ابن الحسين كأفضل مدير عام أو أمين عام في الحكومة الأردنية للأعوام 2023-2024. وألَّف 17 كتابًا في مجالات الزراعة
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.