Skip to content

الخلافات الحزبية أمام الرأي العام…قراءة في أزمة فصل “بسام حدادين” داخل الحزب الديمقراطي الاجتماعي

تاريخ النشر: فبراير 26, 2025 3:47 م
WhatsApp Image 2025-02-26 at 2.56.18 PM

ملح الأرض – ليث حبش

في مشهد غير مسبوق داخل الحزب الديمقراطي الاجتماعي الأردني، خرجت الخلافات الداخلية إلى العلن، وسط اتهامات متبادلة بتصفية الحسابات السياسية والفكرية من خلال قرار فصل الوزير الأسبق بسام حدادين من عضوية الحزب والذي أشعل القرار جدلاً واسعاً، حيث وصفه معارضوه بأنه خطوة ضرورية لحماية وحدة الحزب، بينما اعتبره حدادين وأنصاره “إقصاءً متعمداً” يستهدف الأصوات المعارضة. فكيف تطورت الأزمة؟ وما هي أبعادها على مستقبل الحزب؟

في حديث خاص لـ”ملح الأرض“، تناول عضو الحزب وكان يشغل منصب الأمين العام السابق للحزب الديمقراطي الاجتماعي الأردني، تداعيات قرار فصل أحد الأعضاء، مؤكداً أن إثارة القضية في الإعلام لم تكن الخيار الأفضل، نظراً لكون القرار مثيراً للجدل من حيث سلامته ونظاميته، ولم يكتسب الدرجة القطعية بعد.

إشكالية نشر القرار في الإعلام

ويرى النمري أن نشر قرار الفصل عبر وسائل الإعلام جاء نتيجة تصرف فردي غير مسؤول، مما أدى إلى استياء عام داخل الحزب، وأضاف لـ”ملح الأرض” أن هذا التسريب دفع الوزير الأسبق بسام حدادين إلى الرد علناً، الأمر الذي أسهم في تصعيد الجدل بدلاً من احتوائه.

وحذّر النمري من أن التراشق الإعلامي في هذه المرحلة من الحياة الحزبية يضرُّ أكثر مما ينفع، حيث يؤدي إلى تشويش الصورة أمام الرأي العام، الذي ليس معنياً بالخلافات الداخلية. مؤكدا أن القضايا الداخلية للحزب يجب أن تُحل ضمن الأُطر المؤسسية بعيداً عن إثارتها إعلامياً.

موقف النمري من قرار الفصل

جميل النمري

وفي معرض تعليقه على القرار، أشار النمري لـ”ملح الأرض” إلى أنه كان من الأفضل ألا ينشر حدادين رأيه بشأن إحدى أعضاء الحزب حتى على المنابر الداخلية، نظراً لحساسية تقييم الأشخاص داخل الحزب، لكنه في الوقت ذاته انتقد طريقة تعامل المكتب السياسي مع المسألة، موضحاً أن القرار كان يُمكن معالجته بأسلوب مختلف يضمن الإنصاف دون الدخول في صراعات داخلية.

وأضاف النمري أن المكتب السياسي تجاهل التدرج في العقوبات، كما أن ما كتبه حدادين كان ضمن مجموعة داخلية ولم يكن تشهيراً علنياً بالحزب أو بأحد أعضائه. وأوضح لـ”ملح الأرض” أن الأعراف الحزبية تقتضي تقديم الشكاوى إلى الجهة القضائية الحزبية عند وقوع أي إساءة شخصية، حيث يتم التحقيق والتدقيق قبل اتخاذ أي قرار، وهو ما لم يحدث في هذه الحالة.

ملابسات اتخاذ القرار

وأعرب النمري عن استغرابه من توقيت طرح الموضوع، حيث لم يُتّخذ أي إجراء بشأنه لمدة أسبوعين قبل أن يُطرح فجأة على المكتب السياسي، ليتم التصويت على الفصل في نفس الجلسة وفي أجواء غير صحية. ولفت إلى أن القرار حظي بدعم ثمانية أعضاء، فيما عارضه ستة، من بينهم الأمين العام، بينما تغيب ستة أعضاء آخرين عن التصويت.

واعتبر النمري أنه كان من الأجدر إحالة القضية إلى الهيئة القضائية الحزبية للبت في قانونيتها، بدلاً من تحويلها إلى وسائل الإعلام، وهو ما أدى إلى تصعيد الأزمة.

وحول تأثير هذه القضية على الحزب، أكد النمري أن نشر هذا النوع من النزاعات الداخلية لا يخدم الحزب، بل يخلق انطباعاً سلبياً لدى الجمهور، خاصة في ظل وجود شبهة بتصفية الحسابات الداخلية. وشدد على ضرورة معالجة الخلافات بطريقة مؤسسية تحترم القواعد التنظيمية للحزب، مشيراً إلى أن هذه التجربة قد تكون درساً لجميع الأطراف في كيفية إدارة الخلافات بأسلوب أكثر نضجاً ومسؤولية.

بسام حدادين: الحزب فقد استقلاليته وأصبح خاضعاً لتوجهات إقصائية

وفي لقاء خاص مع “ملح الأرض“، فتح الوزير الأسبق بسام حدادين النار على قيادة الحزب الديمقراطي الاجتماعي، مؤكداً أن الحزب فقد استقلاليته الفكرية والسياسية، وأصبح خاضعاً لتوجهات تيار يقوده “مصطفى حمارنة”، ويسعى لإقصاء كل من يخالف نهجه. وجاء حديث حدادين خلال استقباله لعدد من كوادر الحزب الذين زاروه في منزله، مطالبين إياه بالطعن في قرار فصله، الذي وصفوه بأنه “ساقط قانونياً”.

رفض الطعن في قرار الفصل

وأكد حدادين رفضه اللجوء إلى المحكمة الحزبية للطعن في قرار فصله، موضحاً أن المحكمة واقعة تحت سيطرة التكتّل الذي اتخذ القرار بطريقة وصفها بـ”القراقوشية”، مستنداً إلى مبررات واهية. وأشارفي حديثه لـ”ملح الأرض” إلى أن قرار الفصل لم يُحقق الأغلبية المُطلقة المطلوبة حسب النظام الداخلي للحزب، كما أنه يستند إلى “محاكمة رأي” حول قضية تنظيمية، إذ كان اعتراضه الأساسي على تعيين رفيقة غير مؤهلة سياسياً في منصب الأمين العام. وأضاف أن القرار تم اتخاذه دون منحه الفرصة للدفاع عن رأيه، ما يعكس وجود نية مسبقة لتصفية حسابات سياسية وفكرية.

ولفت حدادين إلى أن الحزب يشهد تحولات سياسية وفكرية كبيرة بفعل مؤثرات خارجية، مؤكداً أن هناك استقطابات غير مبدئية تهدف إلى تغيير توجهات الحزب، الذي لم يعد يُعبّر عن خطّه الفكري والسياسي الوطني. وأوضح لـ”ملح الأرض” أن الحزب بات “تحت المظلة”، في إشارة إلى فقدانه لاستقلاليته، وأصبح يعكس أفكار ومبادئ مصطفى حمارنة، التي “لا تمت بصلة إلى الديمقراطية الاجتماعية”، على حد تعبيره.

موقفه من قرار الفصل

وثمّن حدادين موقف الأمين العام للحزب وعدد من أعضاء المكتب السياسي الذين رفضوا قرار فصله، مؤكداً أن هذا القرار لا يخدم الحزب، بل يعكس توجهات تيار يسعى لإقصاء الأصوات المعارضة. وأضاف أن ما يحدث هو محاولة لفرض رؤية سياسية محددة على الحزب، بعيداً عن مبادئه التأسيسية، مشيراً إلى أن هذا النهج التحريفي سيفقد الحزب ثقة كوادره.

في حديثه مع كوادر الحزب، شدد حدادين على ضرورة النضال من أجل استعادة القيم والأفكار التي تأسس عليها الحزب، باعتباره حزباً يسارياً يتبنى فكر ومبادئ الديمقراطية الاجتماعية، ويرفض التطبيع والتجنيس وأكد أنه رغم إقصائه من الهيئات القيادية، سيبقى داعماً لرفاقه كما كان دائماً، مشيراً إلى أن الانحراف الحالي عن مبادئ الحزب لن يدوم طويلاً.

موكدا على اعتزازه بمواقف رفاقه المؤسسين والشباب الذين رفضوا ما وصفه بـ”السهم اللاأخلاقي”، مشدداً على أن هذه المحاولات ستنعكس سلباً على التكتل الذي يسعى إلى تغيير هوية الحزب. وأكد أن التجربة الحزبية يجب أن تستند إلى القيم الديمقراطية والعدالة الداخلية، وليس إلى الحسابات الشخصية والإقصائية.

هذا الموقف يأتي في سياق أزمة داخلية متصاعدة في الحزب الديمقراطي الاجتماعي، تعكس التحديات التي تواجه الأحزاب السياسية في إدارة خلافاتها الداخلية، وتثير تساؤلات حول مستقبل الحزب وهويته الفكرية.

اتهامات بالتعرض لأحد أعضاء الحزب وحدادين يوضح موقفه

بحسب ما تم رصده على منصات التواصل الاجتماعي، أُثيرت تساؤلات حول أحد أسباب فصل الوزير الأسبق بسام حدادين، حيث زُعم أنه تعرض بالقول لأحد أعضاء الحزب، غير أن حدادين أوضح لـ”ملح الأرض“، كما أكد في تصريحات على عدة منصات تواصل اجتماعي، أنه لم يتعرّض لأي شخص بشكل شخصي، مشدداً على أن موقفه من ترشح العضو المذكور لمنصب الأمين العام لم يكن مبنياً على جنسها، بل على عدم امتلاكها خلفية سياسية كافية تؤهلها لهذا المنصب.

من جهة أخرى، حاولت “ملح الأرض” التواصل مع العضو المعني للحصول على توضيح حول موقفها من التصريحات المتداولة وردّها على توضيحات بسام حدادين، إلا أنها لم تجب على اتصالاتنا ولم يصدر أي تعليق رسمي حتى لحظة إعداد هذا التقرير.

وأكد حدادين أن اعتراضه لم يكن موجهاً ضد الشخص بحد ذاته، بل جاء من منطلق حرصه على أن يكون الأمين العام للحزب شخصاً يتمتع بخبرة سياسية واسعة، تتناسب مع طبيعة المسؤولية التي يتحملها هذا المنصب. وأضاف أن تفسير موقفه على أنه هجوم شخصي أو موقف ضد المرأة هو محاولة لتشويه الحقائق، وإعطاء القضية بُعداً غير دقيق، يخدم أجندات معينة داخل الحزب.

ويرى مراقبون أن هذه الأزمة قد تكون نقطة تحول في مسار الحزب الديمقراطي الاجتماعي، حيث يعكس الانقسام الداخلي حجم التحديات التي تواجه الأحزاب السياسية في الأردن وبينما يؤكد البعض ضرورة معالجة الخلافات بأسلوب مؤسسي يحترم القواعد الديمقراطية، يخشى آخرون أن تؤدي هذه الصراعات إلى مزيد من التفكك داخل الحزب.

في النهاية، تبقى التساؤلات قائمة حول مدى قدرة الحزب على تجاوز هذه الأزمة واستعادة هويته الفكرية، في ظل ما يصفه البعض بمحاولات “الهيمنة الفكرية والسياسية” على قراراته.

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment

Skip to content