Skip to content

الإنجيليّون الشّباب الأمريكان يرفضون الرواية المُزيّفة ويتّجهون نحو إيمانٍ يدعمُ العدالةَ والرّحمة والحقّ

رابط المقال: https://milhilard.org/vni2
تاريخ النشر: فبراير 12, 2025 11:57 م
ddc861d4-5d3d-446f-9bca-c446656208fd_6240x4160
رابط المقال: https://milhilard.org/vni2

القس فارس أبو فرحة

ترجمة غير رسمية عن موقع (RNS)

في 3 فبراير، في اللّيلة الّتي سبقَتْ مؤتمره الصّحفيّ مع الرّئيس ترامب، التقى رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو مع 14 من القادة المسيحيّين الإنجيليّين الأمريكيّين البارزين في بلير هاوس، على الجانب الآخر من البيت الأبيض. واجتمعَتْ شخصيّات مثل جنتيسن فرانكلين، وفرانكلين غراهام، وروبرت جيفريس، وجون هاجي، وتوني بيركنز، والعديد من القساوسة الرّئيسيّين الآخرين في جلسةٍ مغلقةٍ دامت 90 دقيقة، نظّمها السّفير الأمريكيّ المُعيَّن حديثًا لدى إسرائيل، مايك هاكابي.

ومن اللّافت للنظر أنَّ الاجتماع الأوّل لنتنياهو لم يكُن مع قادة يهود أمريكيّين بل مع الإنجيليّين الأمريكيّين.

وفي مقابلة لاحقة مع شبكة سي بي إن، روى فرانكلين، كبير قساوسة كنيسة ”فري تشابل“، وهي كنيسة متعددة المواقع مقرّها في غينسفيل في جورجيا، أنَّ نتنياهو أعرب عن امتنانه لدعم القادة الإنجيليّين الثّابت لإسرائيل خلال الحرب في غزّة. وثانيًا، أعرب رئيس الوزراء عن قلقه العميق من أنَّ المسيحيّين الأمريكيّين الأصغر سنًّا بدأوا يحجبون الولاء الأعمى الّذي طالما قدَّمَهُ كبارهم.

وبعد ذلك، غرّد فرانكلين على موقع ”إكس“ قائلًا: ”لا توجد قضيّة أهم من دعم أمريكا لإسرائيل“.

الوضع مقلق للغاية على العديد من المستويات. إنّه لأمرٌ صادمٌ تمامًا أن يختار هؤلاء القادة الإنجيليّون الاجتماع مع رجل صدرت بحقّه مُذكَّرة توقيف سارية المفعول من المحكمة الجنائيّة الدوليّة بتهمة ارتكاب جرائم حرب بدلاً من رفع دعوة نبويّة من أجل السّلام أو الانخراط مع المسيحيّين في إسرائيل وفلسطين. والأسوأ من ذلك أنَّهم تجاهلوا تمامًا النّداء العاجل الّذي أطلقه 21 من القساوسة والقادة الإنجيليّين من جميع أنحاء الشّرق الأوسط الّذين أصدروا نداءً جماعيًا للكنيسة العالمية في أغسطس/آب الماضي، يحثّون فيه العالم على الاستماع إلى صرخاتنا وسماع قصصنا.

والأمر الأكثر استهجانًا، كما اعترف هاكابي لاحقًا في مقابلة مع جويل روزنبرغ، أنَّ ”الشعور العام“ بين هؤلاء القساوسة لم يكن القلق على السّلام أو العدالة بل القلق من تعطيل جولاتهم في الأراضي المُقدّسة. فبدلاً من الحداد على آلاف الأطفال الفلسطينيّين المدفونين تحت الأنقاض في غزّة أو التضرُّع من أجل الجوعى والجرحى والمشرّدين، سعوا للاطمئنان إلى أنّه بمجرَّد أن يهدأ الصّراع، يمكنهم العودة إلى السّير على الأرض المُقدّسة الّتي سار عليها المسيح ذات يوم – غير ملوّثين بسفك الدّماء والمعاناة الرّهيبة لأرواح الأبرياء.

أكتب هذه الرسالة من وجهة نظر إنجيليّ أمريكيّ فلسطينيّ يهتمُّ كثيرًا بالكنيسة. أنا ممتن بعمق للمُبشّرين الأمريكيّين الّذين ضحّوا من أجل القدوم إلى الشّرق الأوسط وإعلان الإنجيل. العديد من الكنائس المخلصة والمُبشّرين المخلصين يعملون بلا كلَلٍ أو ملل، ويتشاركون مع العديد من الخدمات الّتي يكرّمها الله في المنطقة ليحملوا رجاء يسوع إلى المجتمعات اليائسة المحطّمة. ومع ذلك، فإنَّ مصداقيّة شهادتنا للإنجيل كإنجيلييّن على المحكّ الآن. نحن نخاطر بتفويت فرصة أن نظهر لشعب غزّة، وهو شعب على حافّة الانقراض، مدى عمق محبّة الله واهتمامه بهم.

يجري الآن تحوّل كبير بين الأجيال بعيدًا عن إنجيل الإمبراطوريّة الزّائف نحو إيمان يدعم العدالة والرحمة والحقّ. يدرك العديد من المسيحيّين الشّباب أنَّ الإخلاص الحقيقيّ للمسيح لا يمكن أن يتوافق مع تدمير حياة الفلسطينيّين، وقصف الكنائس والمستشفيات ومخيّمات اللّاجئين، أو التجويع المنهجيّ لشعبٍ بأكمله. وبدلاً من الانخراط مع المسيحيّين الفلسطينيّين واليهود المسيانيين والمؤمنين المسلمين – وهي مجتمعات في المنطقة تتوق إلى العمل من أجل المصالحة وصنع السّلام – اختار هؤلاء القادة الإنجيليّون أن ينحازوا دون نقدٍ إلى حكومة يمينيّة متطرّفة في إسرائيل وإلى رجل أدَّتْ سياساته إلى معاناة واسعة النّطاق، ممّا طغى على دعوتنا لنكون صانعي سلام.

يقول نتنياهو وفرانكلين أنَّ الشباب الإنجيليّون يبتعدون عن إسرائيل لأنَّهم مضللون ويحتاجون فقط إلى ”التّعليم المناسب“. هذا خطأ ومتعالٍ على حدٍّ سواء. فالشّباب الإنجيليّون لا يبتعدون عن إسرائيل بسبب الجهل، بل إنَّهم يستيقظون على حقائق تجاهلها شيوخهم أو تجاهلوها عمدًا. إنَّهم يشاهدون لقطات غير خاضعة للرقابة لعائلات تمَّ طمسها في الغارات الجوّيّة، ويقرأون تقارير مُفصّلة من منظّمات مثل أصوات يهوديّة من أجل السّلام ومنظّمة العفو الدوليّة والأمم المتّحدة، ويستمعون إلى المسيحيّين الفلسطينيّين الّذين يصرخون من أجل العدالة – وهي أصواتٌ لطالما اختارت المؤسّسة الإنجيليّة السائدة إسكاتها أو تجاهلها.

ويؤكِّد هذا التحوّل البحث الأخير الّذي أجرته مجموعة بارنا: فقد انخفض الدّعم لإسرائيل بين الإنجيليّين الّذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عامًا بشكلٍ كبير من 75% في عام 2018 إلى 34% فقط في عام 2021، وهو رقم من المُرجح أن يكون قد ازداد بعد الحرب على غزّة. هذا التغيير ليس علامةً على الجهل؛ بل هو علامةٌ على الوضوح الأخلاقيّ ورفض الإنجيل الزائف الّذي يساوي بين الدّعم السياسيّ الثابت لإسرائيل وحبّ الشعب اليهوديّ.

متجاهلاً هذه الصورة المقلقة، حدَّد الرئيس ترامب رؤية مخيفة لمستقبل غزّة، داعيًا إلى التّهجير القسريّ للفلسطينيّين لإفساح المجال لـ ”ريفييرا الشّرق الأوسط“. ووفقًا لاستطلاع للرّأي أجراه مؤخّرًا معهد سياسة الشّعب اليهوديّ، وأوردته صحيفة جيروزاليم بوست، فإنَّ 80% من الإسرائيليّين اليهود يؤيّدون خطّة ترامب لإخراج سُكّان غزّة من وطنهم. وإذا ما سُمح لهذه الخطّة بالمضي قدمًا، فإنَّ عائلة زوجتي المسيحيّة في غزّة وما يزيد عن 600 مسيحيّ متبقٍ في القطاع يواجهون تهديدًا حقيقيًّا بالتّطهير العرقيّ.

هل وصلنا إلى نقطة لم نعد نهتمُّ فيها بجسد المسيح في الأماكن الّتي تعتبر ”موقع هدم“، باعتبارها لا تستحقُّ الحياة والكرامة؟ تقف الكنيسة الإنجيليّة على مفترق طرق. يجب علينا أن نقرِّر ما إذا كنّا سنواصل التّحالُف مع مجرمي الحرب المُتهمين والسياسات الّتي يساويها الكثيرون بالتّطهير العرقيّ أو العودة إلى طريق يسوع الجذريّ القائم على العدالة وصنع السّلا. سيذكر التّاريخ هذه اللّحظة، وكذلك المسيح.

(فارس أبو فرحة، أمريكيّ من أصل فلسطينيّ، هو الرّئيس التنفيذيّ ل Levant Ministries ويعمل كأستاذ مساعد في جامعة ليبرتي. تابعوه على إنستغرام و X @faresabraham.

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment

Skip to content