
السابق أقساط مدرسية وقرطاسية وحقوق دينية: معاناة مضاعفة للأسر المسيحية مع بداية العام الدراسي
مترجم عن موقع Word&Way
في منطقةٍ غالبًا ما اتسمت بالانقسام والصراع، برهنت المملكة الأردنية الهاشمية مجددًا على مكانتها كملاذٍ آمنٍ للسلام والتعايش. ففي غضون أسبوعٍ واحد، شهدت العاصمة الأردنية عمّان حدثين تاريخيين هامين للعائلة المعمدانية العالمية والمجتمع الإنجيلي الأوسع، وهي دولةٌ ذات أغلبيةٍ مسلمة، حيث لا يعيش المسيحيون في سلامٍ فحسب، بل يزدهرون بكرامةٍ في ظل القيادة الحكيمة لجلالة الملك عبد الله الثاني.
في 25 سبتمبر/أيلول، استقبلت العاصمة عمّان قادةً من 45 دولةً للاحتفال بالذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس الاتحاد المعمداني الأوروبي. لم تكن هذه الذكرى مجرد ذكرى تاريخية؛ بل كانت المرة الأولى التي يجتمع فيها الاتحاد في دولةٍ عربية. وكان حضور أكثر من 200 قائدٍ معمدانيٍّ من جميع أنحاء العالم شهادةً في حدّ ذاته: الأردن ليس آمنًا فحسب، بل هو جسرٌ حقيقيٌّ بين الشرق والغرب، والمسلمين والمسيحيين، والأمم والشعوب.
في هذا السياق التاريخي، نُصِّب القس تشارلي قسطه من لبنان رئيسًا جديدًا للاتحاد المعمداني الأوروبي، ليصبح أول عربي يتولى هذا المنصب منذ تأسيسه. ووقف القس قسطه على أرض الأردن، مشيرًا إلى المعنى الأعمق لهذه اللحظة: “نحتفل هذا المساء بمكانة خاصة: المملكة الأردنية الهاشمية. في ظل القيادة الحكيمة لجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، يُعد الأردن واحة أمن وحريات مكفولة لجميع مواطنيه والمقيمين فيه”.
وذكّرنا القس قسطه بأن الأردن ليس ملتقى للمعمدانيين فحسب، بل هو أمة تُجسّد القيم المسيحية في الرحمة والعدل والسلام. وأشار إلى أن جهود الملك الدؤوبة – من خطاباته في الأمم المتحدة إلى دعوته الدؤوبة للسلام في غزة – تُجسّد رؤية لعالم يتمتع فيه الجميع بحرية العبادة والعيش بكرامة والازدهار جنبًا إلى جنب.
ولم ينتهِ الاحتفال بالحياة المعمدانية في الأردن عند هذا الحد. في إعلانٍ رائدٍ آخر، عيّن الاتحاد المعمداني العالمي القس الدكتور نبيه عباسي، رئيس المؤتمر المعمداني الأردني، أول سفيرٍ له في الشرق الأوسط. كان تعيينه – الذي تمّ تأكيده بالإجماع – أكثر من مجرد شرفٍ لشخصٍ واحد؛ بل كان اعترافًا بشهادة الأردن للكنيسة العالمية. وتعهد الدكتور عباسي باستغلال هذا الدور لتعزيز صورة الأردن كأرضٍ للتعايش، والنهوض بقيم السلام والعدالة، التي تتشاركها الديانة المسيحية وقيادة المملكة.
وبكلماته الخاصة، عبّر الدكتور عباسي: “يمثل هذا المنصب فرصةً عظيمةً لخدمة منطقتنا بما يتماشى مع الرسالة الإنسانية للدين المسيحي، والتي تتماشى تمامًا مع قيم المملكة، التي يدافع عنها جلالة الملك – السلام والكرامة والعدالة للجميع”.
وحضر كبار القادة الحكوميين، بمن فيهم رئيس مجلس النواب الأردني المنتخب، أحمد الصفدي، للاحتفال بهذه الإنجازات الجليلة.
أضفى اللاهوتي الفلسطيني حنا كتناشو عمقًا روحيًا على هذا الأسبوع التاريخي، حيث قدّم سلسلة محاضرات عن العهد القديم من منظورٍ مُركّز على المسيح ومُوجّه نحو العدالة. كانت رسالته واضحة: الإله المُعلن في الكتاب المقدس هو إله الرحمة والنعمة، يدعو أتباعه إلى نبذ الكراهية وتجسيد المحبة والعدل لجميع الناس. وقد ذكّر منظوره المسيحي الفلسطيني المعمدانيين بأن كلمة الله لا تزال تُنبئ بالأمل والمصالحة والشفاء في عالمنا المُنقسم.
بالنسبة للمعمدانيين، لم تكن أحداث الأردن هذا الأسبوع مجرد محطاتٍ تنظيمية، بل كانت شهادةً حيّةً على معنى أن نكون جسد المسيح عبر الثقافات والقارات، وكيف يُمكن لله أن يستخدم حتى أمةً صغيرةً لإضاءة نور التسامح والحرية. في عمّان، رأى المعمدانيون بأم أعينهم أن المملكة الأردنية الهاشمية – بقيادة الملك عبد الله الثاني – أصبحت مثالًا عصريًا للتعايش، حيث يعيش المسيحيون والمسلمون معًا في احترامٍ وسلامٍ متبادلين.
في عالمٍ يتوق إلى نماذج للمصالحة، ينبغي أن تُلهمنا شهادة الأردن جميعًا. كمعمدانيين، غادرنا عمّان ونحن نتذكر رسالتنا: أن نكون صانعي سلام، وأن نحافظ على كرامة الإنسان، وأن نعلن محبة المسيح بشجاعة. لقد منحنا الأردن مثالًا قويًا على ما يعنيه ذلك عمليًا.
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.
No comment yet, add your voice below!