
السابق Jordan, Dawn of Christianity exhibit has surpassed all expectations
بقلم: منى نفاع نزال*
لقد فاق معرض ”الأردنّ، فجر المسيحيّة“ في روما كلَّ التّوقّعات، حيث قدَّم عرضًا عميقًا للتّراث المسيحيّ الغنيّ للأردن. هذا الحدث هو بمثابة تذكير قوي بأنَّنا جميعًا سُفراء للمملكة، مؤتَمنون على مسؤوليّة مشاركة تاريخها وقِيمها وكرم ضيافتها المشهور مع العالم.
يُمثِّلُ المعرض، الّذي افتُتِحَ في روما، شاهدًا على إسهامات الأردن الكبيرة في المسيحيّة المُبكِّرة. يضمُّ المعرض أكثر من 90 قطعة أثريّة نادرة، بما في ذلك الفسيفساء والرّموز المسيحيّة القديمة، مثل رمز السّمكة الّذي يُعتبر من أقدم تمثيلات المسيح.
لا يُسلِّط هذا المعرض الضوء على الأهمّيّة التّاريخيّة للأردن فحسب، بل يُعزِّزُ أيضًا التزام الدّولة المُستمرِّ بتعزيز الحوار والتّفاهم بين الأديان. كما أنَّ لقاء الملكة رانيا مع البابا فرنسيس في الفاتيكان مؤخّرًا يؤكِّدُ هذا الالتزام. وقد تمحورَتْ مناقشاتهما حول مواضيع السّلام العالميّ والتّسامح والجهود الإنسانيّة، حيث أثنى البابا فرنسيس على الدّور المحوريّ الّذي يلعبه الأردنّ في تعزيز الوئام بين الأديان في منطقة غالبًا ما تواجه تحدّيات بسبب الصّراعات.
يتشابك الإرث المسيحيّ في الأردن بعمقٍ مع جغرافيّته، حيثُ يضمُّ مواقع دينيّة مُهمّة شَهِدَتْ لحظات محوريّة في التّاريخ التّوراتيّ. تبرز ”بيت عنيا ما وراء الأردنّ“ المُعترف بها كموقع معموديّة السيّد المسيح، كموقعٍ أساسيٍّ للحجّ. يتمُّ عرض هذا الموقع المبجّل، إلى جانب مواقع وآثار مسيحيّة هامّة أُخرى في المعرض، ممّا يسمح للزوّار بالتّواصل مع الإرث الرّوحيّ الّذي ازدهر في الأردنّ لقرون.
إنَّ الحماس الّذي يُحيط بالمعرض ملموس، حيث يجذب العلماء والسُّيّاح وأفراد المجتمع المسيحيّ لاستكشاف وتقدير النّسيج الغني لتاريخ الأردنّ المُقدَّس. هذا الحدث ليسَ فقط كشفًا لإسهامات الأردنّ في المسيحيّة بل هو أيضًا احتفال بتفانيه المُستمرِّ في الحفاظ على الثّقافة والتّاريخ.
وتستحقُّ هيئة تنشيط السّياحة الأردنيّة ووزارة السّياحة الثّناء على التزامهما الثّابت بإقامة هذا المعرض. إنَّ جهودهما في التّرويج للأردن كوجهةٍ للحجِّ والسّياحة الدّينيّة تلعبُ دورًا حاسمًا في تثقيف المُجتمع العالميّ حول دور الأردن الهام في التّاريخ المسيحيّ. إنَّ مثل هذه المبادرات ضروريّة لتوسيع نطاق فهم وتقدير التُّراث الثّقافيّ، لا سيّما في عالم اليوم حيثُ يُعزِّزُ فهم التّاريخ المتنوِّع مُجتمعًا عالميًّا أكثر تماسُكًا.
علاوةً على ذلك، فإنَّ المعرض هو بمثابة تذكير بعالميّة القيم المُشتركة المُتضمنة في الإيمان -التّعاطف والتّفاهم واحترام بعضنا البعض. في الوقت الّذي غالبًا ما تُهيمن فيه الانقسامات الدّينيّة والثّقافيّة على العناوين الرّئيسيّة، فإنَّ الفعاليّات الّتي تُعزِّزُ الوحدة والتّفاهم من خلال الرّوابط التّاريخيّة والرّوحيّة مُهمّة للغاية. يُجسِّدُ معرض ”فجر المسيحيّة“ هذه الرّوح، حيث يُقدِّمُ منصّةً للحوار بين جميع الأديان ويُشجع الزوّار على التّفكير في أهمّيّة التّسامح والسّلام.
وقد ضجَّتْ منصّات التّواصل الاجتماعيّ بهاشتاغات مثل #زوروا_الأردنّ و#زيارة_الأردنّ و#بيت_الأردنّ_بما_وراء_الأردنّ و#تراث_الأردنّ، ممّا يدعو جمهورًا أوسع للتعرُّف على هذا البلد الجميل وكنوزه التّاريخيّة المُهمّة. من خلال مشاركة الخبرات والمعارف، يُمكننا أنْ نساهم في نشر رسالة الإرث المسيحيّ للأردن وأهمّيّته في التّاريخ العالميّ.
وعلاوةً على ذلك، فإنَّ إرث الأردنّ كمهدٍ للمسيحيّة يستحقُّ التّقدير خارج نطاق المعرض. فعلى الحُجّاج والمؤرّخين والسُّيّاح على حدٍّ سواء أنْ يُدركوا أنَّ الأردنّ شاهدٌ حيٌّ على التّقاليد والتّعاليم الّتي شَكَّلَتِ المُعتقدات الرّوحيّة لآلاف السنين. لا يدعو المعرض الزوّار للتّفاعل مع ماضي الأردنّ فحسب، بل يشجعهم أيضًا على تصوُّر مستقبلٍ يتجاوز فيه الإيمان الانقسام. إنَّه يمثِّلُ حقًّا مفهوم الحجارة الحيّة.
ومع استمرار الأردنّ في لعب دورٍ حيويٍّ في تعزيز الحوار بين الأديان والتُّراث الثّقافيّ، يجب على المجتمع العالميّ أنْ يحتشد لدعم هذه الجهود والاعتراف بها. إنَّ فعاليّات مثل معرض ”فجر المسيحيّة“ ليسَتْ مُجرَّد معارض، بل هي تأكيدٌ للأمل، واحتفاءٌ بالتّواصل الإنسانيّ عبر التّاريخ، ودعوةٌ للتّفكير في الرّحلة المُشتركة للبشريّة.
إنَّ نجاح معرض ”الأردن، فجر المسيحيّة“ في روما هو شهادةٌ على الإرث الدّائم للإيمان والثّقافة والتُّراث. إنَّه يؤكِّدُ من جديد التزام الأردن بتعزيز السّلام العالميّ والتّفاهم المُتبادل، ويشجعنا جميعًا على الانضمام إلى هذا المسعى النبيل. دعونا نحتضن ونحتفي باختلافاتنا مع الاعتزاز بالخيوط المشتركة الّتي تربطنا معًا – خيوط منسوجة من خلال تاريخنا المشترك، بما في ذلك مساهمات الأردن الّتي لا يُمكن تعويضها في المسيحيّة. وبذلك نمهِّدُ الطّريق لعالمٍ أفضل وأكثر اتّحادًا.
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.
No comment yet, add your voice below!