
السابق دار الكتاب تحتفل بعيد الاستقلال بعمل مُجتمعيّ في الأغوار
داود كُتّاب
مُترجم عن موقع Word & Way
القس حنّا مسعد، المولود في غزّة، والمواطن الأمريكيّ منذ عام ٢٠٠٣، خدم لمدّة ١٢ عامًا راعيًا للكنيسة المعمدانيّة في غزّة. ومع ذلك، في ٨ مايو، عندما حاول القس مسعد السّفر إلى الأراضي المُقدّسة لحضور مؤتمر كنسيّ في كلّيّة بيت لحم للكتاب المُقدّس، منعته السُّلطات الإسرائيليّة من الدّخول. وكان مسعد قد اتخذَ خطوةً احترازيّةً بتقديم طلب تصريح سفر إلكترونيّ (ETA) والحصول على موافقة كتابيّة عليه. تصريح السّفر الإلكترونيّ (ETA) هو تصريحُ سفرٍ رقميّ يسمح للزوّار الأجانب بالتسجيل إلكترونيًّا دون الحاجة إلى تأشيرة تقليديّة، وهو ينطبق على المواطنين الأمريكيّين الّذين يعبرون المعابر الحدوديّة الإسرائيليّة.
في عام ٢٠١٩، استضاف الرئيس ترامب فعاليّة “دعوة عالميّة لحماية الحرّيّة الدّينيّة” في الأمم المُتّحدة، ودعا المجتمع الدّوليّ وقادة الأعمال إلى العمل على حماية الحرّيّة الدّينيّة في جميع أنحاء العالم. وفي ولايته الثّانية، أنشأ ترامب مكتبًا للشّؤون الدّينيّة في البيت الأبيض، وشكّل فريق عمل لمكافحة التحيُّز ضدّ المسيحيّين. أثارَتْ هذه الإجراءات توقُّعات بحماية المسيحيّين الأمريكيّين، بغضِّ النّظر عن عرقهم أو أصلهم، عند مواجهتهم للتميّيز في الخارج.
لسنوات، واجهت إسرائيل انتقادات لتميّيزها ضدّ المواطنين الأمريكيّين العرب والأمريكيّين من أصل أفريقيّ على المعابر الحدوديّة. وأمل الكثيرون أنْ تتوقَّف هذه المُمارسات بعد موافقة إسرائيل على منح امتيازات تأشيرة مُتبادلة للأمريكيّين، وهي خطوة تهدف إلى ضمان إدراج إسرائيل في برنامج الإعفاء من التّأشيرة الأمريكيّ. في ذلك الوقت، أكَّد وزير الخارجيّة الأمريكيّ أنتوني بلينكن ووزير الأمن الدّاخليّ أليخاندرو مايوركاس أنَّ هذا التّرتيب سيضمن “حُرّيّة التنقُّل للمواطنين الأمريكيّين، بمن فيهم المُقيمون في الأراضي الفلسطينيّة أو المسافرون منها وإليها”.
لكن هذا الوعد لم يُلبَّ من القس مسعد. فعلى الحدود، أبلغه المسؤولون الإسرائيليّون أنَّه لن يُسمح له بالدُّخول بسبب أصوله الغزّاويّة. وقال مسعد: “قيل لي إنَّ إسرائيل استبعدتِ الأمريكيّين من أصل غزّي من التزامها بعد أحداث 7 أكتوبر”. بينما كانت تلك الأحداث من تدبير حماس، وهي جماعة إسلاميّة فلسطينيّة، فإنَّ مسيحيّين مثل مسعد، مِمَّن لا تربطهم أيّ صلة بحماس، يُعاقَبون بموجب نفس السّياسة الشّاملة.
لم يكن التّمييز مُنفردًا. فبعد ثلاثة أسابيع، في 26 مايو/أيار، استُهدِفَ الدُّكتور فارس إبراهيم، الرّئيس التّنفيذيّ لوزارات المشرق ومقرّها فلوريدا، ووزارات أخرى في الشّرق الأوسط. أثناء قيادته لوفد من القادة المسيحيّين من ألاباما، تعرَّض لتمييزٍ مماثلٍ. فُصل عند نقطة تفتيش إسرائيليّة لأنَّه وُلد في بيت لحم. روى قائلًا: “قيل لي إنَّه، على عكس بقيّة الأمريكيّين المُسافرين في وفدنا، لا يُمكنني استخدام حاجز الزّعيم، واضطررتُ إلى عبور حاجز قلنديا المُخصَّص للفلسطينيّين”. رفض الوفد الأمريكيّ تركه، وانضمَّ إليه في طريقٍ جانبيّ أدّى إلى تأخير رحلتهم.
لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الحالات تصل إلى اهتمام السّفير الأمريكيّ لدى إسرائيل، مايك هاكابي، وهو قس معمدانيّ سابق. من غير المؤكِّد أيضًا ما إذا كانت الوحدة المُشكّلة حديثًا في وزارة الخارجيّة الأمريكيّة والمُكلَّفة بمراقبة الاضطهاد المسيحيّ العالميّ ستجرؤ على تسمية إسرائيل – الحليف الوثيق للولايات المُتّحدة – كمرتكب للتحيُّز الدّينيّ.
التمييز والعنف ضدّ المسيحيّين في إسرائيل والأراضي المُحتلّة مُوثّقان جيدًا. في عام ٢٠٢٤ وحده، سُجّلت ١١١ حادثة مُبلّغ عنها، بما في ذلك اعتداءات على رجال دين وتخريب كنائس. سلّط مركز روسينغ الضوء على ارتفاع مُقلق في جرائم الكراهية ضدَّ المسيحيّين، لا سيما في القدس.
دُمّرت الجالية المسيحيّة في غزّة، الصغيرة أصلًا، جراء الغارات الجويّة الإسرائيليّة. في يوم الجمعة العظيمة، قُتل ٥٨ فلسطينيًّا في يوم واحد. من بين الأهداف: مُستشفى الأهليّ العربيّ (المُستشفى المعمدانيّ سابقًا)، آخر مستشفى يعمل بكامل طاقته في مدينة غزّة. دمّر صاروخ إسرائيليّ وحدتيّ العناية المركَّزة والجراحة فيه. أظهرَتْ مقاطع فيديو من موقع الحادث ألسنة اللّهب تلتهم المبنى بينما فرَّ المرضى، بعضهم لا يزال على أسرَّتهم، في حالة ذعر. أقرّ الجيش الإسرائيليّ بالهجوم، لكنَّه زعم، دون تقديم أدلّة، أنَّ حماس استخدمت المستشفى كمركز قيادة. وتوفّي طفل أثناء إجلائه.
اتّهم مسؤولون فلسطينيّون إسرائيل باستهداف المجتمعات المسيحيّة. وصرحت وزيرة الدّولة الفلسطينيّة للشّؤون الخارجيّة، فارسين أغابيكيان شاهين، بأنَّ 3% من سكّان غزّة المسيحيّين قُتلوا منذ بدء الحرب في أكتوبر/تشرين الأوّل 2023. وجاء هذا الإعلان خلال اجتماع في رام الله مع مُمثِّلين عن منظّمة كنائس من أجل السّلام في الشّرق الأوسط (CMEP). وأضافَتْ شاهين: “دُمِّرَتْ ثلاث كنائس”، داعيةً إلى تدخُّل عالميّ لوقف العدوان الإسرائيليّ على غزّة والضفّة الغربيّة.
قدّم القس مسعد شكوى إلى الحكومة الأمريكيّة بشأن التمييز الّذي واجهه. لكنه لا يأمل كثيرًا في أنْ تأخذ الحكومة الأمريكيّة شكواه على محمل الجد وتقدِّم المساعدة له وللآخرين في هذا الوضع.
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.
No comment yet, add your voice below!