السابق بطريرك القدس من عمّان: لنحتفل بالميلاد هذا العام، مُصلّين من أجل السّلام.
رابط المقال: https://milhilard.org/880y
تاريخ النشر: نوفمبر 14, 2024 6:32 م
جستن ويلبي رئيس الاساقفة المستقيل واعلى جون سميث المتوفي المتهم بالتحرش
رابط المقال: https://milhilard.org/880y
بقلم: داود كٌتّاب – ناشر ملح الأرض
فؤجئ العالم المسيحيّ الأسبوع الماضي بخبر استقالة رئيس أساقفة كانتربري الرّئيس الروحيّ لكنيسة بريطانية الأسقفيّة (الأنغليكانية) جستن ويلبي. ورغم أنَّ هناك العديد من المحتفلين بهذا القرار بسبب مواقف ويلبي بخصوص القضيّة الفلسطينيّة وتأييده لموضوع الزواج المثلي، إلّا أنَّ حقيقة الأمر أنَّ استقالته جاءت بالأساس لسبب آخر. والقصّة بدأت عند تولّي ويلبي رئاسة الكنيسة الأسقفيّة عام 2013 حيث كان على مكتبه قضيّة اعتداء على ما يزيد عن 130 طفل في بريطانيا وأفريقيا من قبل أسقف زميل لويلبي هو جون سميث. لم يقم ويلبي بصفته الرسميّة بالتدخل أو بتحويل القضيّة للشرطة، ومرّت الأيّام وتوفّي سميث عام 2018 عن عمر 77 عام وقد فكّر ويلبي أنَّ الموضوع مات مع وفاة المعتدي رغم وجود عدد كبير من ضحايا جريمته.
الجديد في الموضوع أنَّ لجنة خاصّة وافق على تشكيلها ويلبي سميت لجنة ماكين Makin أصدرَتْ تقريراً طالبَتْ فيه أن تكون “الكنيسة مكان آمن وأن تكون هناك آليّة للمحاسبة”. وقد شمل تقرير ماكين إدانةً لصمت رئيس الأساقفة وعدم القيام بالمتابعة المطلوبة منه. التقرير الدامغ تلقّفه العديد من المعارضين ل ويلبي وقاموا بصياغة عريضة تطالب باستقالة رئيس الأساقفة تمَّ العمل على جلب التواقيع لها وهي موجودة هنا لمن يرغب حيث وصل عدد الموقّعين عليها أكثر من 15 ألف توقيع مثبت.
البعض يعتبر أنَّ قول رئيس الأساقفة أنَّ الزواج المثلي ليس خطيئة تساعد في الحملة المعارضة لويلبي، رغم أنّه يُعتبر من أطول من تربّعوا على عرش رئاسة كنيسة بريطانيا، ولكن ما يهمّنا في هذا الموضوع هو غياب الشفافيّة ومحاسبة مسؤول دينيّ ليس عن خطأ مباشر اقترفه هو بل لأنّه شارك في عمليّة إخفاء وعدم المتابعة لخطأ آخر يعمل ضمن مسؤوليّته.
اعترف رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفيّة بمسؤوليّته الشخصيّة ومسؤوليّته المؤسّسيّة كرئيس لطائفة مسيحيّة ينظّم في عضويّته أكثر من ثمانين مليون أنغليكاني حول العالم.
يقول القسّ شان سيمبل مطران قبرص والخليج للكنيسة الأسقفيّة في رسالة إلى رعيّته أنَّه على الكنيسة أن تكون واعية لما يحدث حولها، مؤكّداً أنّه غير مقبول أن يتمَّ تقليل أو تبرير أو طمس الأمور وأنَّ الجميع مسؤول عن خلق بيئة تحمي الكنيسة وتعزز محبّة الله ومحبّة الجار. كما ويتطلّب الأمر خلق آليات تشجّع الأشخاص للإفصاح عن الأمور الّتي تهمهم وضرورة أن يتمَّ الإفصاح عن وجود المشاكل والتحقق منها ومتابعة ومساءلة لمن أخطأ.
إنَّ الهدف من سرد موضوع استقالة رئيس الأساقفة الأنغليكاني ليس التّشهير، بل دق ناقوس الخطر والاهتمام بالتوعية على مستويان، المستوى الأوّل هو تشجيع من يعرف بوجود أخطاء في الكنيسة التحلّي بالشّجاعة لكشفها والأهم أن يعرف المسؤولون أنّه مهما طال الزّمن وحتّى لو كان صاحب الشأن توفّي فإنَّ الخطأ لن يختفي وسيأتي يوم للمحاسبة والمكاشفة، وهنا ضرورة المكاشفة والابتعاد عن إخفاء الحقائق والتهرّب من المسؤوليّة لأنّ الكتاب المقدّس يحذّر أنَّ كلّما زادت أهمّيّة دورنا زادت مسؤوليّتنا وحساب من هو في موقع المسؤوليّة أكبر بكثير من الباقي. يقول القدّيس لوقا في الإصحاح 12 “فَكُلُّ مَنْ أُعْطِيَ كَثِيرًا يُطْلَبُ مِنْهُ كَثِيرٌ، وَمَنْ يُودِعُونَهُ كَثِيرًا يُطَالِبُونَهُ بِأَكْثَرَ”
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.