
السابق قرارٌ قضائيّ بوقف مُلاحقة الصّحفيّ داود كُتّاب في قضيّة تعود لمقال نُشِرَ قبل خمس سنوات
ملح الأرض – ليث حبش
تصوير : وجدي نشيوات
في خطوةٍ لاقَتْ ترحيبًا واسعًا من أهالي مدينة السّلط والفعاليّات الدّينيّة والاجتماعيّة، أزالَتْ بلديّة السّلط الكبرى غرفة النّفايات الّتي كانَتْ مُلاصقة لسور كنيسة “جماعات الله”، والواقعة في شارع الوئام – أحّد الشّوارع التّراثيّة الأبرز في المدينة، والّذي لا يفصل فيه سوى أمتار قليلة بين الكنيسة ومسجد عمر بن الخطاب.
وتأتي هذه الخطوة ضمن توجه بلديّة السّلط لإعادة تأهيل المداخل التُّراثيّة والسّياحيّة للمدينة، والتّأكيد على صورة السّلط كمدينةٍ للسّلام والتّعايش، مُدرجة على قائمة اليونسكو للتُّراث العالميّ.
في مقابلةٍ خاصّةٍ لـ “ملح الأرض“، أكَّد رئيس بلديّة السّلط محمّد الحياري أنَّ الموقع لم يكُنْ مكبًّا عشوائيًّا بالمعنى التّقليديّ، بل كان عبارةً عن “غرفة تجميعيّة للنُّفايات”، يعود استخدامها إلى ما قبل أكثر من خمس أو ست سنوات، مُضيفًا: “الموقع لم يعُدْ مُناسبًا إطلاقًا، خاصّةً بعد إدراج مدينة السّلط على قائمة التُّراث العالميّ، وظهور مسارات سياحيّة ودينيّة جديدة في قلب المدينة”.
وأضاف الحياري: “نحن نتحدَّث عن منطقةٍ حسّاسةٍ جدًّا، فيها كنيسة وميدان وجامع. هذه المكوِّنات الجغرافيّة والاجتماعيّة تُعبِّر عن طيبة وتسامح أهل السّلط، وعن العلاقة المُتجذِّرة بين أبناء الطّوائف المُختلفة في المدينة كان من غير المقبول أنْ يستمرّ وجود هذه الغرفة أمام الكنيسة وفي هذا المسار السّياحيّ والدّينيّ”.
وأوضح الحياري أنَّ القرار جاء بعد زيارةٍ ميدانيّةٍ وقف خلالها على حجم الأثر السلبيّ لهذا المكبّ المؤقَّت، قائلًا: “أعطيت أمراً فورياً بإزالته، وإعادة تأهيل المكان، وتجميله بما يليق بالمكانة الرّوحيّة والسّياحيّة لهذا الحيّ”.
وتابع: “المنطقة تشهد حركةً مُستمرّةً، ليس فقط من قِبَل أهالي السّلط، بل أيضًا من الزوّار والسُّيّاح، وكان من الضروري توفير مساحة نظيفة وآمنة، سواء للوقوف أو لعبور المُشاة هذا الإجراء لم يكُنْ فقط بيئيًّا، بل اجتماعيًّا وسياحيًّا في جوهره”.وفي سياقٍ مُتَّصل، أشار رئيس البلديّة إلى أنَّ جهود تعزيز السّياحة الدّينيّة في المدينة مُستمرّة، خصوصاً مع اكتشاف كنيسة تاريخيّة جديدة يعود عمرها إلى أوائل المسيحيّة.
وأشار الحياري إلى أنَّ البلديّة تنظر إلى المعالم الدّينيّة كمُكوِّن أساسيّ في هويّة المدينة. “نحن لا نُفرِّقُ بين كنيسةٍ أو جامع، فهذه المدينة قامَتْ على التنوّع، ومن واجبنا أنْ نحافظ على هذا الإرث ونعزِّزه.”
وعبّر القسّ ديفيد أيوب الريحاني، رئيس كنيسة جماعات الله الأردنيّة، عن شكره العميق لرئيس بلديّة السّلط الكبرى، المهندس محمد الحياري، على استجابته السّريعة لإزالة غرفة تجميع النفايات الّتي كانت مُلاصقة لسور الكنيسة، في أحّد أكثر المواقع حساسيّة وسط المدينة.
وقال القسّ ريحاني في تصريحٍ خاصٍّ لـ “ملح الأرض: “يُشرفني أنْ أنقل باسمي وباسم الكنيسة أسمى آيات الشُّكر والعرفان إلى عطوفة المُهندس الحياري لتجاوبه الكريم، حيثُ تمَّ إزالة الغرفة الّتي لم تكُنْ تبعد سوى أمتار قليلة عن دُور عبادة تجمع بين المسجد والكنيسة في قلب حي المدينة، حي الميدان، بداية شارع الوئام”.
وأوضح أنَّ الموقع كان يشهد تذمُّرًا مُستمرًّا من أهالي الحي والمُصلّين، بسبب الرّوائح الكريهة والحشرات والمنظر غير اللّائق الّذي كانَتْ تُسبِّبُه غرفة النّفايات، خاصّةً وأنَّه يُشكِّلُ مدخلًا رئيسيًّا للمدينة.
وأضاف: “لقد استحقَّتْ مدينة السّلط مكانتها على قائمة التُّراث العالميّ لليونيسكو، لِما تُمثِّلُه من نموذج فريد في التّسامح الحضاريّ والضيافة، حيث تتقاطع المآذن مع القباب، وتتجاور بيوت المُسلمين والمسيحيّين في مشهدٍ نادرٍ يعكس وحدة المجتمع الأردنيّ”.
وأشار القسّ ديفيد إلى أنَّ الغُرفة كانَتْ قد أُنشِئت عام 2015 ضمن مشروعٍ إقليميّ لإدارة النّفايات في المُدن التّاريخيّة، دون مُراعاة لحساسيّة الموقع إلّا أنَّ التّدخُّل الإيجابيّ من قِبَل رئيس البلدية جاء “ليسَ فقط من منطلق بيئيّ، بل احترامًا للرّمزيّة الدّينيّة والثّقافيّة للمكان”، حسب تعبيره .
ونوّه إلى أنَّ البلديّة أحالَتْ الموضوع مُباشرةً إلى فريق دائرة الهندسة، وتمَّت إزالة الغرفة، ما فتح المجال لتطوير السّاحة المُحيطة بالكنيسة ضمن خطّة شاملة للسّياحة الدّينيّة ومسار الزوّار في شارع الوئام، ليكونَ “رمزًا عالميًّا للسّلام والتّعايش، لا مُجرَّد مَمَرّ عبور”.
وفي ختام تصريحه، دعا القسّ ريحاني سُكّان الحيّ إلى الحفاظ على النّظافة بما يعكس وعي المُجتمع وتضامنه.
وعبّر بشارة الدبابنة، أحّد سُكّان شارع الميدان في مدينة السّلط وصاحب محل تجاريّ في المنطقة، عن ارتياحه الكبير بعد إزالة غرفة تجميع النُّفايات الّتي كانَتْ مُلاصقة للكنيسة، مؤكِّدًا أنَّ القرار أسهم في تحسين المظهر العام وتعزيز بيئة الشّارع كوجهة سياحيّة.
وقال دبابنة في تصريح لـ “ملح الأرض: “الموقع القديم ما كان لا منظر ولا محضر، الغرفة كانَتْ تاخذ من الشارع وتتسبَّب بروائح ومنظر غير لائق، خاصّةً أنّها بجانب الجامع والكنيسة”.
وأضاف: “الوضع الآن أفضل بكثير، المكان أنظف والنّاس مرتاحة، وهذا كلّه بيفرق كثير مع السّياحة، لأنَّ الشارع من أهمّ المسارات الّتي يمرّ فيها الزوّار. إحنا بنشكر البلديّة على الخطوة، والله يقويهم”.
وختم حديثه بتقديره لجهود البلديّة وأبناء الحي الّذين دعموا إزالة الغرفة، قائلًا: “هيك لازم تظل السّلط: نظيفة، جميلة، وتستقبل زوّارها بصورة مُشرّفة”
أكَّد السيّد حازم النّشيوات، مُختار النشيوات ومن أبرز أصحاب المحال في شارع الميدان، دعمه الكامل لقرار بلديّة السّلط بإزالة غرفة النّفايات الّتي كانَتْ مُلاصقة للموقع الّذي تتقاطع فيه المعالم الدّينيّة والسياحيّة في قلب المدينة.
وقال نشيوات في حديثه لـ”ملح الأرض: “الغرفة كانت في المكان الخطأ وجودها بهذا الشّكل بجانب مسجد عمر بن الخطاب وكنيسة يسوع النّاصري أمر غير مقبول لا دينيًّا ولا سياحيًّا هذا شارع سياحيّ وعلى قائمة التُّراث العالميّ، ولا يليق أنْ نضع فيه حاويات نفايات”.
وأضاف مؤكِّدًا دعم المجتمع المحلّيّ للقرار: “أنا مع قرار البلديّة ومع أصحاب المحال في إزالة الغرفة، هذه خطوة إيجابيّة تحافظ على صورة السّلط الحضاريّة وتليق بقدسيّة المكان”.
واختتم حديثه بتوجيه الشُّكر لكلّ من ساهم في هذا الإنجاز، مُشدِّداً على أهمّيّة احترام خصوصيّة الأماكن الدّينيّة ومكانة المدينة السياحيّة، قائلاً: “الله يبارك بكلّ من ساهم. السّلط تستحقُّ الأفضل”.
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.
No comment yet, add your voice below!