Skip to content

إرساليّة الكنيسة في ظلّ الصهيونيّة المسيحيّة: منظور فلسطينيّ في مؤتمر لوزان الرّابع.

رابط المقال: https://milhilard.org/acuz
عدد القراءات: 726
تاريخ النشر: نوفمبر 2, 2024 1:54 م
antondaeeq
رابط المقال: https://milhilard.org/acuz

أنطون دعيق*

نُشِرَ أصلاً باللغتين الإنجليزية هنا والإسبانية هنا:

مرّ أكثر من شهر على التجمّع العالميّ لمؤتمر لوزان الرّابع في إنشيون، كوريا الجنوبيّة. كواحدٍ من أربعة فلسطينيّين مشاركين، طُلِب منّي نشر وجهة نظرٍ مسيحيّة فلسطينيّة حول المحاضرة الرئيسية التي قدمتها اللاهوتية اللاتينية روث باديلا دي بورست، والّتي كانت مُخصصة لنقاش موضوع العدالة الاجتماعيّة. في حديثها، تطرّقَتْ باديلا دي بورست بإيجازٍ إلى الحرب المستمرّة الّتي تشنُّها إسرائيل على غزّة، ما دفع قادة مؤتمر لوزان إلى تقديم اعتذار رسمي بعد مواجهتهم لضغطٍ كبيرٍ من مجموعة صهيونيّة يهوديّة الأصول. كان هذا الحادث صادماً لكثيرٍ منّا، مما جعلني أتساءل عمّا إذا كان مؤتمر لوزان الرّابع هو حقاً مساحة للحوار الحقيقيّ أم مُجرّد حدث يهدف إلى تحفيز الّذين يتشاركون بنفس الرّؤية اللّاهوتيّة.

للأسف، بدلاً من السّعي لنشرِ وجهة نظر مسيحيّة فلسطينيّة حول خطاب باديلا دي بورست، رفضَتْ عدّة وسائل إعلام مسيحيّة غربيّة نشر مقالي، حيث رفض أحّد المُحرّرين الفكرة فوراً، مُشيراً إلى التّوجّه الصهيونيّ لمجلّتهم؛ بينما أعرب آخر عن قلقه من أنَّ وجهة نظري قد تُنفِّر البعض؛ ورفض ثالث مقالي مُعتبراً توقيته “غير مناسب”.

وعلى الرّغم من المحاولات المتكرّرة لإسكات الصّوت المسيحيّ الفلسطينيّ، أُقدِّمُ هنا وجهة نظري حول حديث باديلا دي بورست، بهدف رسم السّياق الأكبر لكلماتها، وتوضيح أهمّيّة ملاحظاتها حول فلسطين.

تحدَّثَتْ باديلا دي بورست، وهي لاهوتيّة متمرّسة، بشكل نبويّ إلى أكثر من 5000 قائد مسيحيّ من أكثر من 200 دولة، قائلة:

ما يميّز شعب اللّه ليس التّعبيرات السطحيّة للتقوى الدينية أو ترانيم العبادة، أو اللّاهوت الاستعماريّ الّذي يبرّر ويموّل القهر تحت غطاء لاهوت نهاية الأيّام التدبيريّ.

لا مكان للّامبالاة تجاه كلّ من يعاني من ويلات الحرب والعنف في جميع أنحاء العالم: الشّعب المقموع والمضطهد في غزّة، الرّهائن المحتجزين لدى كلّ من إسرائيل وحماس وعائلاتهم، الفلسطينيّين المهدّدين في أراضيهم، وكلّ من يندبون على فقدان أحبّائهم. المهم هو ألمنا إذا كنّا شعب اللّه.      

            


اقرأ هنا النصّ الكامل لكلمة روث باديلا


للمفارقة، كانَتْ هذه الكلمات الّتي أثارت استياء بعض النّاس في مؤتمر لوزان الرّابع، هي ما جعلتني أُقدِّر وأُثمِّن حديث باديلا دي بورست. فيما يلي سأشارك سببيْن رئيسييْن جعلاني أشعر بهذه الطّريقة. سأقوم بذلك، أوّلاً، بوضع كلمات باديلا دي بورست في السّياق الأوسع للقضيّة الفلسطينيّة، وثانياً، سأناقش دور التدخّل الإنجيليّ في الحروب الإسرائيليّة ضدّ الفلسطينييّن. لنقاش أكثر تفصيلاً لبعض القضايا اللّاهوتيّة الّتي تمَّ التطرّق إليها هنا، يمكن للقرّاء الاطلاع على محاضرتي في مؤتمر “المسيح أمام الحاجز” 2024.

كلمات باديلا دي بورست في سياقها: الاستعمار الاستيطاني، الأبارتهايد، و”الاعتقال الإداري


يعد الصّراع الفلسطينيّ-الإسرائيليّ أحّد أطول الصّراعات في التّاريخ الحديث. ومع ذلك، فإنّه ليسَ نزاعاً بين متساويين، بل هو صراع استعماريّ استيطانيّ بين مُضطهَد ومُضطهِد، مُستعمَر ومُستعمِر. في أواخر القرن التّاسع عشر وأوائل القرن العشرين، سعى يهودٌ أوروبيّونَ إلى محاكاة نموذج الاستعمار الاستيطانيّ الّذي اتبعه المسيحيّون الأوروبيّون في الأمريكتين وأوقيانوسيا وغيرهما. فبدأ هؤلاء اليهود الأوروبيّون حركةً تُعرف بالصهيونيّة، بقيادة تيودور هرتزل، وهو صحفيّ نمساويّ-هنغاريّ. كان هدف الصهيونيّة هو معالجة مسألة معاداة اليهود المتجذّرة في أوروبا، من خلال تأسيس ما أطلق عليه هرتزل “الدولة اليهوديّة” (der Judenstaat). فبدعم من القوى الغربيّة، بدأتِ الحركة الصهيونيّة في تشجيع وتسهيل الهجرة الجماعيّة لليهود من أوروبا إلى فلسطين. هؤلاء اليهود لم يأتوا للعيش بيننا كمهاجرين، بل جاؤوا لإنشاء دولة عرقيّة ،الدولة اليهوديّة، على أرض يسكنها شعب آخر: الفلسطينيّون.

فكيف حقق المستوطنون الصهاينة ذلك؟ ليس بالورود والبالونات طبعاً، بل على دماء وعظام الفلسطينيّين، وهو ما يحدث عادةً في المساعي الاستعماريّة الاستيطانيّة. كجزء من تأسيس إسرائيل في عام 1948، والّتي يعتبرها بعض الإنجيليّين “دليل على أمانة الله”، ارتكبت الميليشيات الصهيونيّة ما لا يقل عن 30 مجزرة موثّقة ضدَّ الفلسطينيّين، ودمَّرت 530 قرية فلسطينيّة، وشرّدت 750,000 فلسطينيّ من منازلهم (أي ما يقرب من 90% من سكان ما أصبح في النهاية “دولة إسرائيل”). كانت النتيجة هي الاستيلاء على 78% من أراضي فلسطين التاريخيّة. بالنّسبة لنا كفلسطينيّين، هذه الفظائع هي نكبتنا، لكنَّ المؤرِّخ الإسرائيليّ الشهير إيلان بابيه يبيّن كيف كانت جرائم العصابات الصهيونيّة جزءاً من خطة استراتيجيّة مُتعمّدة، ألا وهي:التطهير العرقيّ لفلسطين.

للأسف، لم تتوقَّف نكبة الفلسطينيّين عام 1948، بل استمرَّت منذ ذلك الحين. فإسرائيل دولة توسّعيّة استعماريّة بدون حدود مُعلنة؛ تتبنّى سياسة “أرض أكثر، وفلسطينيّين أقل“.

في غزّة، وظّفت إسرائيل أحداث السّابع من أكتوبر المؤسفة لتطبيق هذه السّياسة، وهذا واضحٌ من شناعة وقباحة حرب الإبادة الّتي تشنُّها إسرائيل على غزّة، والّتي حصدت لغاية الآن ما لا يقلّ عن 42,800 فلسطيني، بينهم 16,765 طفلاً. للأسف الشديد، فقد وصف أحّد اللّاهوتيّين البارزين، والّذي كان حاضراً في مؤتمر لوزان الرّابع، سياسة الحروب غير المتكافئة الّتي تتبنّاها إسرائيل بأنّها “مفهومة/معقولة“.

في الضفّة الغربيّة، تطبّق إسرائيل سياسة “أرض أكثر، وفلسطينيّين أقل” من خلال نظام الأبارتهايد الاستيطانيّ، الّذي يسهّل الاستيلاء المستمر ّعلى الأراضي والتوسّع الاستيطاني. فما لا يقلّ عن 60% من الأراضي الفلسطينيّة في الضفةّ الغربيّة (ما يسمى بالمنطقة “ج”) هي الآن بحوزة دولة الاحتلال. وعلى الصعيد الشخصيّ، أعيش مع عائلتي حاليّاًا في منفى قسري بسبب سياسات الأبارتهايد والتهجير الإسرائيليّة.

بالطبع، كنت أتمنّى لو أنَّ محاضرة باديلا دي بورست تطرَّقَت إلى كل هذه الأمور. لكنّها أُعطيَتْ 15 دقيقة فقط للتحدُّث عن موضوع العدالة بأكمله! ومع ذلك، فما حقّقته باديلا دي بورست كان مثاليّاً: فلم تتحدَّث عن معاناة أهل غزّة فحسب، بل أيضاً عن معاناة “الرّهائن المحتجزين لدى إسرائيل”. وقد أثارت كلماتها هذه ضجّة بين بعض الحاضرين. فقد قيل لي، إنَّ مجموعة من الألمان كانوا على وشك مغادرة القاعة عند ذكر “الرّهائن المحتجزين لدى إسرائيل”. كيف تجرؤ باديلا دي بورست على الإدعاء بأنَّ إسرائيل – “الديمقراطيّة الوحيدة في الشّرق الأوسط” – تحتجز رهائن فلسطينيّين!.

لكن ما فعلته باديلا دي بورست يعكس شجاعة نبويّة. فقد سلَّطت الضوء على معاناة الفلسطينيّين المحتجزين كرهائن تحت نظام “الاعتقال الإداريّ” الشّنيع الّذي تتبعه إسرائيل، والّذي توثّقه حتّى منظّمات حقوق الإنسان الإسرائيليّة مثل “بتسيلم“. ففي ظلّ نظام الأبارتهايد الإسرائيليّ المفروض على الضفّة الغربيّة، على سبيل المثال، يمكن لجيش الاحتلال الإسرائيليّ اعتقال أيّ فلسطينيّ دون توجيه تهم أو محاكمة – وهي سياسة لا تنطبق على المستوطنين اليهود الّذين يعيشون في نفس المنطقة.

عندما كنت طالباً في جامعة بيرزيت في الضفّة الغربيّة، اقتحم جنود إسرائيليّون شقتي ذات ليلة، بدون أيّ سبب، وأشاروا ببنادقهم نحوي. لحسن الحظّ لم يتمَّ اعتقالي أو إطلاق النّار عليّ، لكنَّ العديد من أصدقائي انتهى بهم الأمر في “الاعتقال الإداريّ” الإسرائيليّ لفترات مطوّلة. وفي الأشهر الماضية، كثّفَتْ إسرائيل من الاعتقالات الإداريّة. ففي أبريل 2024، اختطفَتِ القوَّات الإسرائيليّة ليان ناصر – وهي فلسطينيّة مسيحيّة – من منزلها تحت تهديد السّلاح، ولم يعلم والداها إلى أين تمَّ أخذها. في نفس الفترة، اعتقلَتْ إسرائيل البّاحثة الفلسطينيّة المسيحيّة المرموقة نادرة شلهوب كيفوركيان، وعاملتها معاملة مروّعة، حيث تمَّ احتجازها في أماكن ملوّثة بالبول ومليئة بالصراصير، وتعرّضَتْ للصراخ والتّرهيب، وحُرِمَتْ من النّوم، إضافةً إلى حرمانها من الوصول إلى أدويّتها الأساسيّة.

بعض الإنجيليّين الأصوليّين جزءٌ من الحرب ضدَّ الشّعب الفلسطينيّ

للأسف الشّديد، فإنَّ العديد من الإنجيليّين يهملون معاناة الفلسطينيّين، والأسوأ من ذلك هو أنَّ بعض الأصوليّين منهم، يلعبون دوراً نشِطاً في الحروب الّتي تشنُّها إسرائيل ضدَّ الشّعب الفلسطينيّ، وذلك من خلال تقديم الدّعم الروحيّ واللّاهوتيّ والعمليّ لدولة الاحتلال.

أوّلاً، من النّاحية الروحيّة، يصلّي العديد من الإنجيليّين الأصوليّين لانتصار إسرائيل على أعدائها. ولقد صادفَتْ مثل هذه الصّلوات لأوّل مرّة عندما كنت أعمل مع مؤسّسة إنجيليّة غربيّة، وما زلت أصادفها بين الحين والآخر في بعض الأوساط الإنجيليّة، حيث كان آخرها في مؤتمر لوزان الرّابع. للأسف.

صلّوا من أجل إسرائيل: لينتصروا على أعدائهم.

نشر شخصٌ ما على حائط الصّلاة للمؤتمر: “صلّوا من أجل إسرائيل: لينتصروا على أعدائهم”. هذه صلاة إبادة جماعيّة تقف في تناقضٍ صارخٍ مع إنجيل المسيح. فــ”هزيمة الفلسطينيّين” في العقيدة العسكريّة الإسرائيليّة، تعادل التّطهير العرقيّ لفلسطين، كما شهد أجدادنا في عام 1948، وكما نشهده اليوم في حرب الإبادة على غزّة. بالطّبع، لم يصدرْ أيّ اعتذار من قيادة لوزان عن هذه الصّلاة غير المسيحيّة.

ثانياً، من النّاحية اللّاهوتيّة، وفقاً لمركز بيو للأبحاث (مايو 2022)، فإنَّ 70% من الإنجيليّين البيض في الولايات المتّحدة يعتقدون أنَّ: “الله منح الأرض الّتي هي الآن إسرائيل للشّعب اليهوديّ”. هذه العقيدة هي مبدأ أساسيّ في الصهيونيّة المسيحيّة التدبيريّة، والّتي انتقدتها باديلا دي بورست في حديثها. ومع ذلك، فإنَّ انتشار هذه العقيدة في الولايات المتّحدة، لا يعني أنَّ المشكلة مقتصرة هناك فقط. أينما أعيش، بما في ذلك الفلبّين والمملكة المتّحدة وبوليفيا، أواجه الصهيونيّة المسيحيّة. نحن نعيش حاليّاً في بوليفيا، والكنيسة الخمسينيّة بجوار منزلنا لا تعرض أي رموز مسيحيّة، بل علم إسرائيل! كما أنَّ الوضع ليس أفضل في أفريقيا، الأمر الّذي بدا جليّاً في كتاب سينثيا هولدر ريتش.

يعتبر اللّاهوتيّ الفلسطينيّ متري الرّاهب أنَّ عبارات مثل “الله أعطى الأرض لإسرائيل” و”لإسرائيل حقّ إلهيّ في الأرض” هي جزء من “البرمجيّات” الّتي تُفعِّل آلة الحرب الإسرائيليّة. هذه “البرمجيّات” لا تتوافق مع الإنجيل، بل هي عبارة عن تشويه صارخ لطبيعة الله القدّوس ولإنجيل المسيح. فالصهيونيّة المسيحيّة تصوّر الله على أنَّه إله قبليّ وعنصريّ يُفضِّل أمّة على أمّة وشعب على آخر. وهذه ليسَتْ صفات الله الّذي نعبده في المسيح، والّذي هو بارّ وصالح و”لَا يُفَضِّلُ أَحَداً عَلَى أَحَدٍ” (أعمال الرسل 10: 34).

ثالثاً، من النّاحية العمليّة، فإنَّ أحّد السّمات الأساسيّة للمسيحيّة الإنجيليّة هي “الفعاليّة” أو “النشاط” كما بيّن المؤرخ البريطاني ديفيد بيبينجتون. لذلك، فمن المتوقّع أن يتصرّفَ الإنجيليّون الصّهاينة – الّذين يُصلّون لانتصار إسرائيل، ويؤمنون بأنَّ لإسرائيل “حقّ إلهيّ” في فلسطين التّاريخيّة – وفقاً لمعتقداتهم الروحيّة واللّاهوتيّة. فعلى سبيل المثال، قبل بضعة أعوام، أخبرتني سيّدة كيف “قادها الرّوح القدس” للتّواصل مع السّفارة الإسرائيليّة في بلدها لتنظيم مؤتمر كبير لدعم إسرائيل! وهذه ليست حالة فرديّة. فتحالف “مسيحيّون متّحدون من أجل إسرائيل” (Christians United for Israel) في الولايات المتّحدة يزعم أنَّه يضمّ 10 ملايين عضو. وهذا التّحالف هو عبارة عن لوبي صهيونيّ مسيحيّ يقدِّم دعماً روحيّاً ولاهوتيّاً وسياسيّاً لدولة الاحتلال، بما في ذلك الضّغط السياسيّ، والتّبرعات الماليّة، ورعاية الرّحلات السياسيّة إلى إسرائيل “لتحويل القساوسة من حجاج روحيين إلى صهاينة متحمسين“. كما يتميز هذا التحالف بدعمه للمستوطنات الإسرائيلية، ومعارضته لحقوق الفلسطينيين، ودعمه لإرسال الأسلحة لإسرائيل.

بإيجاز، تتعارض الصهيونيّة المسيحيّة مع إنجيل المسيح الطّاهر، ولذلك فليس لمثل هذه العقائد أيّ مكان على الإطلاق في كنيسة المسيح المُقدَّسة، والّتي هي نور العالم وملح الأرض. إذا كانت حركة لوزان العالميّة جادّةً في هدف مؤتمرها الرّابع، وهو الشّهادة والإعلان عن المسيح؛ فيجب تعزيز الأصوات النبويّة مثل صوت باديلا دي بورست، لا أنْ يتمَّ إسكاتها. كما وأنَّه كان ينبغي للوزان معالجة مسألة الصهيونيّة المسيحيّة المنتشرة في بعض الكنائس، وذلك في تقرير “الإرساليّة العظمى” الخاصّ بلوزان، وفي المؤتمر نفسه، وفي بيان سيول. فكيف يمكننا أن نشهد للمسيح، بينما يتمسَّك البعض بعقيدة تشوِّه صورة الله القدّوس؟! كان على بطرس والكنيسة الأولى أن يتخلّوا عن لاهوتهم العرقيّ، قبل أن يكرزوا بالبشارة السّارة لسائر الأمم (أعمال الرسل 10: 33-36). فبالتّأكيد إذن، على الكنيسة الإنجيليّة اليوم التّخلي كليّاً عن كلِّ لاهوتٍ عنصريٍّ قبليٍّ، يبرر القتل والدّمار، إنْ كُنّا جادّين بشأن شهادتنا المسيحيّة.

****************************

أنطون دعيق: فلسطينيّ مسيحيّ من بيت لحم، عاش وخدم في بلدان مختلفة لأكثر من ثلاثة عشر عاماً، بما في ذلك الفلبّين وهونغ كونغ وإنجلترا وبوليفيا. عضو مجلس إدارة “الشّراكة الدوليّة للإرساليّة كتحوّل اجتماعيّ” (INFEMIT)، ومحاضر في دراسات الكتاب المُقدّس في كلّيّة بيت لحم للكتاب المقدَّس، وباحث مشارك في مركز دراسات الكتاب المُقدَّس والعنف في المملكة المتّحدة.

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

Skip to content