Skip to content

من الموروث الشعبي المسيحي في شمال الأردن

رابط المقال: https://milhilard.org/zlj7
عدد القراءات: 638
تاريخ النشر: أكتوبر 25, 2022 10:34 ص
الكاتبة فضية المقابلة

الكاتبة فضية المقابلة

رابط المقال: https://milhilard.org/zlj7

كتبت الباحثة الإجتماعية  والكاتبة فضيه المقابله- ملح الأرض  

ظهرت المسيحية في بلادنا من قديم الزمان، وقد تعايشت مع الديانة الإسلامية وتوحدت في عادات وتقاليد وقيم مشتركة، هذا عدا عن الاحترام والتسامح الديني بين المسيحيين والمسلمين في بلاد الشام وتحديدا في شمال الأردن في مناطق ( إربد :الحصن والصريح ) التي يسكنها أقليات مسيحية.

ولوحظ مدى التعايش والتفاهم والاحترام بين المسيحيين والمسلمين في سجل مدوّن لموروث شعبي، لم يسجل إلا المواقف المشرّفة والتعاون والمشاركات الوجدانية والمعنوية والمادية بين أصحاب الديانتين المسيحية والإسلامية.

ومن الشعبين تشكل نسيج متين في مواجهة الأخطار والتحديات التي واجهت الوطن عبر تاريخه القديم والحديث، هذا عدا عن الحجم الكبير للحرية الدينية التي يتمتع بها الشعب المسيحي في كل أنحاء الوطن الأردن من شماله لجنوبه واحترام طقوسه الدينية ، كما هو يحترم طقوسنا الإسلامية.

المسيحيون في شمال الأردن ومن خلال البحث والمتابعة لكيفية أعمالهم اليومية وأنشطتهم الاقتصادية لم يختلفوا عن المسلمين شيئا ، فتكاد الأعمال اليومية والأنشطة الاقتصادية وتدبير شؤونهم الحياتية الأسرية في الأعمال والمهن والأدوات المستعملة واللغة واللهجة والعادات والتقاليد  متشابهة إلى حد كبير جدا !

لوحظ أن المسيحيين في شمال الأردن مارسوا الزراعة بكل أنواعها وأنشطتها ..من الحراثة والبذار والزراعة وطرق جني المحاصيل الزراعية وكيف يتم استغلالها للمونة والبيع والتخزين، وأسلوب المقايضة في تبادل السلع لسد احتياجات الأسرة، وخاصة في الزراعات الحقلية، و الموسمية الشتوية والصيفية .

ونجد ذلك التشابه في البيوت والبناء وأقسام وأركان المنزل وملحقاته من زرائب وخانات الأغنام ، وأخمام الدواجن، والسلاسل الحجرية وأبراج الحمام، وحتى التشابه كان في طرق ووسائل جمع وتوفير  الحصاد المائي.

و كانت بدايات السكن في المغاور والكهوف ، تطورت إلى بناء البيوت من الحجر والطين، ثم إلى بناء البيوت من الخرسانة الأسمنتية حتى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم من مباني فخمة وعلى طرز معمارية حديثة.

وكانوا المسيحيون يخرجون للعزب مع إخوانهم المسلمون ويسكنون في بيوت الشعر إذ يُشبه العزب بهجرة داخلية مؤقتة، لكن مدتها تكون قصيرة وقد تستمر عدة شهور بحسب المواسم والمناخ والطقس والنشاط الاقتصادي الذي تمارسه العائلات المسلمة والمسيحية.

 وقد اجتهدت بعمل عدة أبحاث للوقوف على الحرف والمهن والأعمال التي قام بها المسيحيون قديما في شمال الأردن، ولوحظ أنهم عملوا في رعي الأغنام البياض والسمار وكانوا يستأجرون الجِمال من البدو في موسم  الحصيدة  “للرجاد “اي نقل  المحاصيل الزراعية من الحقول  إلى أرض البيدر بعد تحميلها على الجمال بواسطة قوادم خشبية أو تعبئتها في شوالات كبيرة من ” الخِيّش” تُحَمل على ظهر الجِمال والذي يقوم بهذه العملية يسمى “الرّجّاد”

وكذلك لوحظ أن طرق توفير المؤونة والغذاء والتخزين والاطباق اليومية للمأكولات الشعبية متشابهة جدا عند أبناء الطائفتين المسيحية والمسلمة .

لقد قامت المرأة المسيحية في شمال الاردن بتنظيف القمح وغربلته وطحنه للخبز بأنواعه المختلفة العويص والخامر ، وجرشه لعمل المجدرة والكِبٕة والرشوف وغيرها 

وتشابهت الأسر المسيحية والمسلمة في القيم والعادات والتقاليد في المناسبات الاجتماعية المختلفة، وتشاركوا وتقاسموا المشاعر الصادقة، وتبادلوا التهاني والزيارات في الأعياد للديانتين.

 في رمضان لاتجد مسيحياً يتناول الطعام والشراب في الأماكن العامة، أو يخدش قدسية هذا الشهر أو يمس بمكانته الروحية والوجدانية احتراماً لعقيدة المسلمين وتقديراً لشعائرهم، فنجدهم يمتنعون اختيارياً عن الأكل والشرب مع أنهم معذورون في ذلك ، باعتبار الصيام عبادة دينية هم غير مكلفين بها.

كما يحرص العديد منهم، وفي مقدمتهم أرباب الطوائف، وبسرور بالغ، على دعوة المسلمين لتناول طعام الإفطار؛ لما لهذه الدعوات من أثر في توثيق الترابط الاجتماعي وتحقيق الوئام الديني وتعزيز قيم العيش المشترك، فيهيئون في هذه الإفطارات كل ما يتعلق بمستلزمات طقوسها الدينية تماماً  كالمسلمين، ويتبادلون فيها التهاني والتبريكات ويعلنون عن مدى الترابط الاجتماعي الذي يجمع الأسرة الأردنية مسلميها ومسيحييها، ويستجيبون في الوقت ذاته لدعوات الإفطار التي يُدعَون إليها من قبل المسلمين.

ومما يدل على تأثر المسيحيين بهذا الشهر الكريم أن الكثير من العائلات المسيحية يتغير نظام الطعام عندها؛ حيث تتحول وجبتهم الرئيسية إلى العشاء تزامنا مع إفطار المسلمين، وتعد أطعمة رمضان ومشروباته وحلوياته هي المفضلة لهم في هذه الشهر الكريم.

عشنا شعبين متحابين ومتآلفين على هذه الأرض، لم نختلف إلا على التنافس في من يحبها ويدافع عن مقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين أكثر .

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

Skip to content