السابق عام يمضي .. وليلة الميلاد
رابط المقال: https://milhilard.org/2f4z
تاريخ النشر: ديسمبر 3, 2021 8:45 م
رابط المقال: https://milhilard.org/2f4z
سلام فريحات – المغطس
يُشهر عدد من الأفراد المسيحيين إسلامهم سنوياً في الأردن، فقد يلجأ بعض الأزواج المسيحيون، لاعتناق الديانة الإسلامية في بعض الحالات لعدة أسباب منها الهروب من النفقات المترتبة على الزواج أو الطلاق وتبعاته.
تزوجت منار عام 2004، لكن لم يدم الزواج طويلاً، حيث رفع عليها زوجها قضية فسخ عقد زواج عام 2008 لدى المحكمة الكنسية صاحبة الاختصاص، وبدورها قدمت هي قضية نفقة.
عادة تستغرق إجراءات الطلاق في المحاكم الكنسية وقتاً طويلاً، أشهر زوجها إسلامه عام 2018، ولم يكن قد وقع الطلاق بعد، وبقيت خلال تلك المدة تعتني بأبنائها الإثنين لوحدها، دون تدخل زوجها حتى بالنفقة.
عانت منار في المحاكم ما بين قضايا شقاق ونزاع حتى جاء طلاقها عام 2019 في المحكمة الشرعية بعمان، بسبب اختلاف الديانة، ومع استمرارها بمطالبة النفقة عليها وعلى أبنها الأكبر علاجياً، وتعليمياً لابنها الأصغر، ومع ذلك لم يأبه زوجها أن ينفق عليها وأولاده.
لم يأبه زوج منار بالنفقة عليها وعلى أولاده، فبالرغم من صدور قرار المدعي العام إلزام المدعى عليه بدفع مبلغ 9 آلاف دينار للمدعية ، وإلزامه أن يؤدي مبلغ ثلاثمائة دينار شهرياً بواقع مئة وخمسون ديناراً لكل واحد من أبنائها اعتباراً من تاريخ المطالبة، بالإضافة لرسوم المحامي وأتعاب المحاماة، الا انه رفض الدفع.
لم يقبل المدعى عليه بقضاء محكمة الدرجة الأولى، طعن بالحكم الصادر لدى محكمة استئناف عمان، لكن جاء رد المحكمة برد الاستئناف، وتأييد قرار الحكم السابق، وعاد الزوج مرة أخرى للطعن في قرار المحكمة الأخيرة والطعن في محكمة التمييز، لكن جاء قرار محكمة التمييز برد الدعوة المدعي للمرة الثالثة. وذلك في تفاصيل الحكم رقم 2670 لسنة 2020 لمحكمة التمييز بصفتها الحقوقية، و الصادر بتاريخ 2020-08-11 ورئيس الهيئة الحاكمة برئاسة القاضي السيد د. فؤاد الدرادكة.
منار ليست وحدها، من تقع ضحية التهرب من نفقات الطلاق، فعانت فاديا من وجود خلافات ومشاكل عائلية أثناء زواجها، قررت فاديا أن ترفع على زوجها دعوى نفقة وحضانة أولادها الثلاثة، وحصلت بقرار من المحكمة على نفقة تقدر بـ 400 دينار شهرياً.
وأثناء النظر في قضايا النفقة والانفصال في المحكمة اللاتينية، أشهر زوج فاديا إسلامه بدافع التخلص من الالتزامات المالية والقانونية التي يرتبها قانون الأحوال الشخصية الكنسية اللاتينية عليه، بالإضافة لطلاق زوجته.
وبعد قرار محكمة البداية ، بإلزام زوجها بدفع مبلغ يقدر ب 42 ألف يناراً، ما كان منه إلا بفعل ما فعله زوج منار سابقاً، والطعن في القرار الصادر لدى محكمة الاستئناف، ثم جاء قرار الأخيرة، بفسخ قرار الاستئناف، والحكم بأتعاب محاماة بمبلغ 750 ديناراً عن مرحلتي التقاضي وتأييد القرار المستأنف، وبعد هذا القرار لم يقنع الزوج، ليطعن به مرة أخرى عند محكمة التمييز، لترد الأخيرة القرار وتحكم للزوجة بالمصاريف المذكورة سابقا.
يذكر أن الاجتهاد القضائي الصادر من محكمة التمييز عام 2020، يشير إلى أن الشخص الذي يقوم بتغيير معتقده الديني إلى مذهب آخر للاستفادة من حق الطلاق الذي تجيزه شريعة ذلك المذهب،أو المعتقد يكون ملزماً بالعطل والضرر الذي يلحق بالطرف الآخر،من جراء استعمال هذه الحق، لأن ممارسة الشخص الذي غير مذهب حق الطلاق الذي يبيحه مذهبه الجديد، يتعارض مع التزاماته السابقة، التي كانت قائمة خلال عقد الزواج الاول.
يقول رئيس اتحاد المجامع الكنائس الانجيلية، في الأردن والأراضي المقدسة عماد معايعة للمغطس إنه في الديانة المسيحية لا يوجد طلاق، إلا في حالة علة الزنا، “هذا الشيء الوحيد الذي ينفصل فيها الطرفين أو يبطل زواجهم، أما في المرض والجوع والعطش يبقى الاثنان مع بعض”، لافتا إلى أن الفئة الأكبر من الأزواج الذين يتجهون لاعتناق الإسلام، يكون بداعي الهرب من الزوجة، أو لاسباب مالية، أو مصالح شخصية” لانه مرات لما بشعر الزوج عليه ضغط كثير، ولما يشعر انه عليه مصاريف كثيره، يهرب للإسلام”.
من جهته يقول المحامي ناظم نعمة للمغطس وهو مختص بالشأن الكنسي إن الطلاق يختلف بين المحكمة الأرثودكسية، والكاثوليكية، لافتا إلى أنه في الأرثوذكسية ، تستطيع المحكمة صاحبة الصلاحية أن تنظر في منح الزواج والطلاق إذا ثبت استحالة الحياة الزوجية أو لأي سبب آخر، أما في الكاثوليكية، يتم بطلان الزواج، لغياب الرضا في الزواج.
ويبين نعمة للمغطس أنه إذا رُفعت الدعوى أمام المحكمة الكنسية، والزوجان لا يزالان يدينان بنفس الديانة، والطائفة التي عقدت الزواج، فتستطيع المحكمة الكنسية التي لها سلطة على الكنيسة، العاقدة للزواج ، أن تنظر في هذه القضية ، مضيفاً أنه في حال إسلامه بعد صدور القرار من المحكمة الكنسية، فلن يكون لإسلامه أي تأثير على القرار ” لأنه لما صدر القرار كان يدين بالديانة المسيحية، ويصبح القرار ملزم للطرفين،و اذا أقامت القضية بعد إسلامه، تكون محكمة البداية من تنظر بهذه القضية، لاختلاف الديانة”.
وعن مدة إجراءات الطلاق في المحاكم الكنسية يوضح نعمه ” المُدد، مش سهلة وسريعة، لا يمكن أن تكون اٌقل من 6 أشهر لسنة بالحد الأدنى”، مشيرا أنه في المحاكم الكاثوليكية ، تم إصدار أمر بابوي عام 2014 ، أجاز السير بالقضايا بالمسار الأسرع، من خلال تقديم الأزواج دعوة واحدة للنائب القضائي يوقع عليها الطرفان، مع كافة البينات، لتوقع عليها المحكمة بشكل سريع” في هذه الحالة تأخذ من شهر لشهرين وتنتهي إذا كانت البيانات متوفرة لكلا الطرفين وثبت البطلان”.
قاضي الاستئناف في المحكمة الارثوذكسية كرستين فضول توضح للمغطس ما جاء به نعمة، بقولها إن الطلاق في المحكمة الكاثوليكية، يكون انفصال جسدي فقط، ويبقى الزوج ينفق على زوجته، فيما إذا كان الطلاق في المحكمة الأرثوذكسية، يكون طلاقاً، ويستطيع كل زوج الزواج مرة أخرى، ولا يصرف عليها.
وتبين القاضي فضول للمغطس في حال تغيير الدين لأي من الزوجين ،في الكنيستين، يعتبر الزواج لاغياً، والوثاق بينهم لاغياً، ويصبح الإثنان غرباء عن بعضهما البعض، لافتة إلى أن الزوجة لا يكون لها حقوق مالية، مثل الإعالة أو النفقة، عند زوجها، لكن في هذه الحالة يحق لها التعويض المادي، وليس نفقة دائمة.
لغايات المحافظة على الروابط الأسرية والاجتماعية تتحقق المحاكم الشرعية من عدة أمور قبل اعتناق أي شخص الإسلام حسب مصدر مسؤول في دائرة قاضي القضاة للمغطس ولكنه * رفض ذكر اسمه* منها : عدم وجود دعوى مقامة منه أو عليه لدى أي محكمة شرعية، نظامية، أو كنسية، أن تكون الغاية من إشهار إسلامه اعتناق الدين الحنيف عن قناعة تامة وعقيدة راسخة، أن يكون الشخص الراغب في اعتناق الإسلام مطلعاً على أركان الإسلام وتعاليمه، إبراز كتاب من الحاكم الإداري يتضمن تأمين الحماية الاجتماعية اللازمة للشخص المعني، بالإضافة لإبراز شهادة من الطبيب المختص تتضمن خلو الشخص الراغب في اعتناق الإسلام من الأمراض النفسية والعقلية.
إقرأ ايضا مسيحيون في الأردن يطالبون بتعديل تشريعات الاحتضان واستثنائهم من تحريم التبنّي
حضانة الأطفال
أما فيما يتعلق بحضانة الأطفال يقول المحامي ناظم نعمة للمغطس ” الحضانة بالقانون الكنسي لدى كافة الطوائف، هي أين ترى المحكمة مصلحة الطفل”، لافتاً إلى أن غالبية المحاكم تعطي الحضانة للأم، للأعوام 15 أو 18 عاما.
وتثني فضول على قول نعمة بقولها” إذا كان الزوجان مسيحيّان، تبقى الحضانة للأم لسن الـ 15، وإذا كان مسيحي وأصبح مسلماً تحتفظ المرأة بأبنائها”.
لافتة إلى أنه في حال تزوجت المرأة المسيحية مسلماً، وحصل طلاق بينما، تفقد الأم حضانة طفلها بعد بلوغ الطفل 7 سنوات من عمره” لتصفه “إجحاف بحق المرأة المسيحية”.
حسب نص المادة 172 من قانون الأحوال الشخصية على أنه «يسقط حق الحضانة (..) في حال تجاوز المحضون سن السابعة وكانت الحاضنة غير مسلمة»، في حين تستمر الحضانة للأم المسلمة لغاية سن 15 عامًا وبعدها يخير الأبناء بين البقاء مع الأم أو العيش مع الأب.
بدوره يؤكد المصدر في دائرة قاضي القضاة للمغطس ما قاله المحامي نعمة بأنه “في المحاكم الشرعية تكون حضانة الأطفال وفقاً لمعايير تحقق وتحمي مصالح الطفل الفضلى”
تغيير ديانة الأبناء
وحول تغيير ديانة الأطفال يقول معايعة للمغطس ” للأسف أنه في حال الأب غير ديانته للإسلام ، وكان لديه ولد أقل من 18 سنة، يصبح حكما مسلماً، ” مشيرا أن الطفل لا يستطيع أن يميز ويعطي قرار ” يجب أن ننتظر حين يصل ل18 سنة حتى يستطيع اتخاذ قرار، إذا كان هناك، طفل في الصف التاسع، وأراد أن يقدم مادة الدين الإسلامي، كيف يستطيع أن يقدم هذه المادة، وهو لا يعرف شيئا عن هذا الدين”؟
فيما يتعلق بعودة الزوج للديانة المسيحية بعد إسلامه، يوضح أنه إذا أراد الشخص أن يعود للديانة المسيحية، بعد إسلامه، في الدين المسيحي يستطيع العودة ، بالنسبة للمسيحيين لا مانع، مشيرا إلى أن “المشكلة في الديانة الإسلامية يعتبر مرتدا عن الدين”.
تبين القاضي كرتسينا فضول للمغطس أن موضوع الديانة مختلف عليها، وهي مشكلة،” موضوع الأبناء لايزال يصدر بين الوقت والثاني ، قرارات مختلفة من محاكم البداية، والاستئناف”، مبينة أنه لا يوجد نصوص قانونية،في هذا الشأن، بل اجتهادات من المحاكم.
تستنكر فضول قرارات تغيير ديانة الطفل، بعد تغيير ديانة والده ” الطفل الي طول عمره، نشأ ببيت مسيحي، كيف بلاقي حاله بديانة أخرى، صعب عليه كثير”، وترى بدورها أن يستمر الطفل على الديانة التي ولد عليها، إلا في حال أراد الطفل أن يختار ديانة أخرى.
وتطالب فضول بوجود لجنة تدرس موضوع تحويل ديانة الأطفال في حال تغيير ديانة والدهم ” لازم يندرس وينعمل لجنة حتى الأطفال ما يدفعوا الثمن”.
حسب المادة 18(2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فإنه لا يجوز تعريض أحد لإكراه من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدين ما، أو بحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره.
بدوره يقول المحامي ناظم نعمة للمغطس أنه كان بالسابق مجرد أن يُسلم الأب كافة الاطفال تحت 18عاما ، يسجلون مسلمين من قبل مدير الأحوال المدنية، لكن أخذت المحاكم الإدارية، والإدارية العليا، قراراً بأن لا يجوز لمدير الأحوال المدنية، أو مدير السجل المدني أن يغير أي بينة من البيانات المدنية للطفل دون قرار محكمة، ” المحكمة الأدارية أعادت الكثير من الأطفال، لديانتهم التي ولدوا عليها”.
يبلغ عدد الأفراد الذين أشهروا إسلامهم منذ عام 2016 – 418 فردا، فيما يصل عددهم عام 2020 إلى 185 فردا، ليكون العدد الكلي من أشهروا إسلامهم منذ عام 2016 لغاية العام الماضي 1728 فردا.
علما ان الحالات وقرارات المحاكم تم الاستعانة بها في التقرير هي أسماء مستعارة للحالات الواردة في محاضر القضايا حفاظاً على خصوصيتها ، و الاستشهاد بقرارات المحاكم لتوثيق الحالات.
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.