السابق يوم تطوير مهني في مدارس بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية
رابط المقال: https://milhilard.org/h0tq
عدد القراءات: 658
تاريخ النشر: نوفمبر 27, 2023 9:18 م
ألاقارب يحضرون جنازة المسيحيين في غزة الذين قُتلوا بعد غارة جوية إسرائيلية بالقرب من كنيسة القديس بورفيريوس الأرثوذكسية.
رابط المقال: https://milhilard.org/h0tq
يسعي الراعي السابق للكنيسة المعمدانية في غزة – والعالق في مصر منذ بداية الحرب – الى اخلاء زوجته وأطفاله من غزة بينما يقبعون في كنيسة القديس بورفيريوس الأرثوذكسية ويصارعون من اجل البقاء.
جيسون كاسبر|- Christianity Today مجلة كريستشيانتي تودي
في الوقت الذي تحتجز جانيت ماهر في غزة فهي لم تستحم منذ أسبوعين. تطعم جانيت أطفالها الثلاثة وجبة واحدة فقط في اليوم، والتي لا تزيد في كثير من الأحيان عن الخبز والجبن.
وكان ابن عمها قد لقي حتفه متأثراً بالاصابة التي سببها صاروخ إسرائيلي بينما كان يحمي طفليه البالغين من العمر سبع وخمس سنوات من انهيار الجدار في كنيسة القديس بورفيريوس الأرثوذكسية. وكانت العائلتان قد سكنتا معًا، وكان الابن الأصغر صديقًا لابنها في روضة الأطفال.
ولكن وسط أهوال الحياة تحت الحصار، ربما كان أسوأ الامور هو أن زوج جانيت عالق في مصر.
ويقول حنا ماهر، القس السابق للكنيسة المعمدانية في غزة: ”أشعر وكأنني أم موسى وأخته بعد أن وضعوه في البردي”. ”كل ما يمكنني فعله هو المشاهدة من بعيد.”
ولد ماهر في سوهاج في صعيد مصر، ورعى الكنيسة الإنجيلية من 2012 إلى 2020. لدى وصوله لغزة كان اعزبًا فتزوج من جانيت، وهي ابنة لأب أرثوذكسي وأم معمدانية، خلال السنة الأولى من خدمته في غزة. وعلى الرغم من أن دعوته كانت إلى ”الأماكن الصعبة”، إلا أن الخدمة كانت مرهقة، كما كان الحال بالنسبة للتعامل مع اجراءات أذونات الدخول والخروج المعقّدة في ظل الاحتلال الإسرائيلي.
منذ عام 2007، فرضت إسرائيل ومصر حصارًا على القطاع الساحلي لغزة الذي تبلغ مساحته 140 ميلًا مربعًا.
وكانت كل إجازة عائلية إلى مصر تبدأ بالشعور بأنه لا ينبغي له العودة إلى غزة أبدًا. ولكن حتى عام 2020، كانت كل رحلة تنتهي بإحساس ماهر المتجدد بالالتزام بالمهمة. في ذلك العام، قبل ماهر منصب القسيس في الكنيسة المشيخية في بني سويف، على بعد 90 ميلاً جنوب القاهرة، وشعرت جانيت – التي كانت ترغب دائمًا في البقاء بالقرب من عائلتها الممتدة – بالسلام. لكن ماهر لم يشاطرها ذلك. وهكذا وبعد ثلاث سنوات، وببركة جانيت ان يجدد دعوته، استقال ماهر من منصبه، وفي شهر أيار الماضي عادت العائلة إلى غزة. وبما أنه لم يعد مرسلًا مبشرًا ممولًا، فقد استغل رحلة الرؤيا المطولة التي اتخذها لاستكشاف فرص خدمة بعيدًا عن المنبر. واخذ يفكر ويدرس امكانية إنشاء مركز تعليمي أو مركز لتطوير الأعمال الصغيرة في غزة وعاد في 28 ايلول بمفرده إلى مصر للبحث عن شراكات في مؤسسات الطائفة.
بعد أقل من أسبوعين نشبت الحرب، ولم يُسمح لأحد بالدخول أو الخروج من غزة.
وقال ماهر: ”لا أستطيع التركيز، ولا طاقة لدي ولا أقدر النوم بعد الهجوم على الكنيسة”. ”أني فقط أشاهد الأخبار وأصلّي من أجل عائلتي.”
انه يكرس الكثير من يومه في محاولة الاتصال بهم. فهو يتصل من الصباح وحتى الليل على هاتف جانيت الخليوي، ولكن مع تلف شبكات الاتصالات جراء القصف، يستغرق الاتصال ساعات. في أحسن الأحوال، تجري بينهما محادثة مدتها خمس دقائق، ولكن عادةً ما يتم قطعها بعد حوالي 60 ثانية.
ذات مرة، فرض ابنه عليه ضحكة مكتومة مترددة: الوضع رائع يا أبي ، اذ لا يوجد دوام مدرسي .
زالت ابتسامة ماهر بسرعة وسط الإحصائيات الكئيبة. h` تشير التقارير إلى مقتل أكثر من 8,000 شخص في غزة، من بينهم ما لا يقل عن 3,324 طفلاً، وإصابة 6,000 طفل آخر. وأفادت وزارة الأشغال العامة في غزة أن 43% من جميع الوحدات السكنية قد دمرت أو تضررت، مع نزوح أكثر من 1.4 مليون من أصل 2.2 مليون نسمة من منازلهم.
وكل هذا حدث قبل أن تستعيد إسرائيل تدفق المياة من الخط الثاني من خطوط أنابيب المياه الرئيسية الثلاثة، في الوقت الذي يقُدر معدل مياه الشرب والطهي والغسيل بنحو 3 لترات يوميًا للشخص الواحد، وهو أقل بكثير من توصية منظمة الصحة العالمية البالغة 100 لتر.
لقد تعرض حي تل الهوى الذي يعيش فيه ماهر في مدينة غزة لقصف إسرائيلي مكثف. واذ تعيش جانيت بالقرب من مستشفى القدس – وقد اتهم بأنه مخبأ لحماس واليه لجأ حوالي 10.000 من سكان غزة النازحين، لم تتمكن جانيت من العثور على طعام على رفوف البقالة المحلية.
واتهمت إسرائيل حماس باحتجاز المياه والغذاء والوقود الضروريين.
لذلك غادرت جانيت بيتهم للاحتماء بكنيسة الروم الأرثوذكس بعد خمسة أيام من بدء الحرب، عندما قُتل صديق مسلم في غارة إسرائيلية على المبنى المجاور لهما. في البداية، توفرت لاستخدامها ولأطفالها قاعة الجنازات بأكملها. الآن، ينام ما بين 400 إلى 500 شخص جنبًا إلى جنب على فرشات في جميع أنحاء المُجمع حيث يتشاركون في ثلاثة حمامات فقط.
لقد تم اطلاق اسم القديس بورفيريوس على الكنيسة التي بنيت في القرن الثاني عشر ويعود تاريخها إلى عام 425 بعد الميلاد، على اسم الأسقف المحلي الذي قام بتبشير المنطقة. ولقد قدّر مجلس كنائس الشرق الأوسط أن حوالي 380 مسيحيًا يحتمون في الكنيسة. ويشكل المسلمون العدد الباقي فيها، وينتشرون في جميع أنحاء مباني المُجمع السبعة.
بعد التفجير في 19 أكتوبر، الذي قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف مركز قيادة حماس القريب من الكنيسة، تم الإبلاغ عن اثنين من المسلمين من بين القتلى، إلى جانب 18 مسيحيا.
بالإضافة إلى ابن عم جانيت، كان من بين هؤلاء القتلى أحدى صديقاتها المقربات، وأخت أحد شيوخ الكنيسة المعمدانية، وأمين المكتبة المعمدانية، وزوجته وحفيدته، وثلاثة أطفال كانوا يرتادون مدرسة الأحد المعمدانية بانتظام.
قبل حدوث التفجير، كانت جانيت تقرأ الكتاب المقدس وتصلي مع الكثيرين.
قال ماهر: ”كانت جانيت تشجع الآخرين في الملجأ”. ”وهي الآن بحاجة إلى من يشجعها.”
وكان ضحايا التفجير أيضاً على صلة بالإنجيليين في الضفة الغربية والأردن . وفقد راعي سابق آخر للكنيسة المعمدانية في غزة، حنا مسعد، عمته، في حين فقد منير قاقيش، رئيس مجلس الكنائس الإنجيلية المحلية في الأراضي المقدسة، زوجة ابنه بالتبني وطفليه. وفي ميشيغان، فقد جاستن عماش، وهو عضو جمهوري سابق في مجموعة حفلة الشاي وأول أميركي من أصل فلسطيني ينتخب لعضوية الكونغرس، العديد من أقاربه من عائلته المسيحية الموسعة، بما في ذلك امرأتان شابتان.
ولكن ايجاد التشجيع لجانيت في غزة قد يكون امرًا صعبًا.
لقد كان عدد السكان المسيحيين المحليين حوالي 7000 عندما سيطرت حماس على القطاع في عام 2007. لكن العدد تضاءل إلى حوالي 3000 في الوقت حين أصبح ماهر راعيًا فيها. ويقول ماهر إن المسيحيين الذين يبلغ عددهم الآن أقل من الالف نادرا ما يذهبون إلى الكنيسة، وأن نفس المئة شخص يترددون على الكنائس الثلاث في غزة – وكثيرا ما يطلبون المساعدة.
إنه يصلي أن هذه الحرب تجعلهم يصرخون الى الله، لكن الحياة تحت الحصار لم تشعل النهضة بعد. وانما بالعكس، فهم مقتنعون بأن الله قد تركهم، إذ رأوا إتمام صفنيا 2: 4 في جيلهم:لان غزة تكون متروكة.
ويقول ماهر: ”على مدى ثماني سنوات كراعي، أخبرتهم أن الأمر ليس كذلك”. ولكن عندما أضع نفسي مكانهم الآن، فمن الصعب أن أطلب منهم أن يثقوا بالله”.
لكن خيارات جانيت والآخرين ليست كثيرة فبقيت العائلة في الكنيسة الأرثوذكسية، على الرغم من مطالبة زوجها المحمومة بتوفير مكان أكثر أمانًا بعد التفجير. ويقول ماهر انها سألته: ”أين يمكن أن نذهب؟”.
”إلى الكنيسة الكاثوليكية؟” – إنها ممتلئة.
”العودة إلى شقتنا؟” – لا يوجد طعام.
”إلى الجنوب؟” – كان ماهر يعرف أن ذلك لن ينجح.
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.