Skip to content
Skip to content

رسالةُ الملك للأخوة المسيحيّين في فلسطين تُمثِّلُ وجدانَ كلّ الأردنيّين والأحرار

تاريخ النشر: يوليو 18, 2025 2:08 ص
slide-1_750xauto

بقلم: عبد الله توفيق كنعان*

يدفعني الاعتزاز والفخر بموقف جلالة الملك عبد الله الثّاني رعاه الله الدّاعم لأهلنا في فلسطين مُسلمين ومسيحيّين، إلى التّأكيد على كلِّ حرفٍ جاء في رسالة جلالته الموجَّهة لأهل فلسطين وللمجتمع الدّوليّ كلّه، على إثر الاعتداء السَّافر من قِبَلِ المُستوطنين على كنيسة الخضر و المقبرة المسيحيّة في بلدة الطّيبة في رام الله، والّتي ألقاها نيابةً عن جلالته غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثّالث، بطريرك القدس وسائر أعمال فلسطين والأردن.

زيارة تضامنيّة لقرية الطّيبة الفلسطينيّة الّتي تعرَّضَتْ لاعتداءٍ من المُستوطنين

إنَّ رفضَ جلالته في الرّسالة الهاشميّة لهمجيّة المُستوطنين المُتطرّفين المُعتدين على الكنيسة والمقبرة المسيحيّة وانتهاكهم الصّارخ لِحُرمة الموتى والمُقدّسات المسيحيّة والوجود المسيحيّ في الأرض المُقدّسة، إلى جانب مواصلتهم الاعتداء اليوميّ على القُرى والمُدن في الضفّة الغربيّة، يأتي في سياقِ تاريخٍ أردنيّ هاشميّ كان على الدّوام خطّ الدّفاع الأوّل عن الأمّة ومقدّساتها الإسلاميّة والمسيحيّة، فلطالما كانت النّهضة واليقظة ونداء الحرّيّة الّتي حمل أمانتها الهاشميّون عبر التاريخ مُنذ بعثة جدّهم الرّسول محمّد صلّى الله عليه وسلَّم، والعهدة العمريّة والثّورة العربيّة الكُبرى ورسالة عمّان، مسيرة هاشميّة عريقة تؤصِّل للعيش المُشترك وحرّيّة المُعتقد والعبادة، يقف خلفها رجالات الأُمّة من مُسلمين ومسيحيّين يؤمنون بها ويدافعون عنها جنبًا إلى جنبٍ ، فكان منهم الشُّهداء والجرحى على ثرى فلسطين والقدس.

أمين عام اللّجنة الملكيّة لشؤون القدس الدُّكتور عبد الله توفيق كنعان

واليوم يجب التّأكيد على أنَّ الاعتداء على كنيسة الخضر في بلدة الطّيبة التّاريخيّة يؤكِّدُ أنَّ هذه الجريمة جزءٌ من حربٍ دينيّةٍ صهيونيّةٍ تستهدف المُسلمين والمسيحيّين، وهو حلقةٌ من حلقاتِ التّهويد و العبرنة ضدَّ الهويّة العربيّة الإسلاميّة والمسيحيّة الأصيلة في فلسطين والقدس، فالهجوم على كنيسة الخضر و المقبرة التّاريخيّة المسيحيّة الّتي تعود للعصور المسيحيّة الأولى، يستهدف رمزيّة بلدة الطّيبة الّتي تطلق عليها المصادر المسيحيّة والإسلاميّة أسماء مثل (إفرايم وعفرا)، والّتي لجأ إليها المسيح عليه السّلام قبل صلبه في القدس بأسابيع قليلة طلبًا للسّلام والأمان، وهي ضمن جغرافيا استراتيجيّة مُهمّة على طريق القُدس وإحدى بوّابات تحريرها في عهد صلاح الدين الأيوبيّ قبل معركة حطّين التّاريخيّة، كما أشارت لها الخارطة التّاريخيّة الأردنيّة (خريطة فسيفساء مادبا).

إنَّ اللّجنة الملكيّة لشؤون القدس ترى في رسالة جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين نداءً هاشميًّا حكيمًا للعالم ومنظّماته بضرورة نصرة الحقِّ الفلسطينيّ ووقف الاعتداءات الإسرائيليّة على الشّعب الفلسطينيّ والمُقدّسات الإسلاميّة والمسيحيّة، هذا النّداء الّذي يؤكِّدُ عليه جلالته في كافّة المحافل الدّوليّة، وعلى نهجه وثوابته تأتي مقالات وكتب ومبادرات ودعوات صاحب السُّموّ الملكيّ الأمير الحسن بن طلال، المُتّصلة بالحقِّ الفلسطينيّ والكرامة الإنسانيّة وحُرّيّة العبادة، خاصّةً في هذا الوقت العصيب الّذي تُطلق فيه حكومة اليمين الإسرائيليّة المُتطرِّفة يدَ المُستوطنين في كلِّ فلسطين، وتُواصِل العُدوان والإبادة في غزّة، وإطلاق المُخطَّطات الاستيطانيّة الاستعماريّة بما فيها مُناقشة ما يُسمّى مجلس التخطيط الأعلى الإسرائيليّ لمُقترح بناء (3412) وحدة سكنيّة في الضفّة الغربيّة مُستقبلًا، وفي ظلِّ انشغالٍ عالميّ بأزماتٍ دوليّة مُتعدِّدة، وسط سياسة الكيل بمكيالين والانحياز والدعم الشّامل لإسرائيل من بعض القِوى العالميّة الّتي تدعي الديمقراطيّة.

إنَّ الوجود المسيحيّ التّاريخيّ في فلسطين وما تتعرَّض له الكنائس والأديرة والمقابر من انتهاك واعتداء إسرائيليّ مُتواصل في القدس وغزّة ورام الله وغيرها، دليلٌ على أنَّنا والعالم أمام حربٍ وجوديّةٍ دينيّةٍ استعماريّة ترفض الاعتراف بالأديان والوجود التّاريخيّ للشّعب الفلسطينيّ في أرضه، وما يجري هو تنفيذٌ واضحٌ لبرامج الأحزاب الصّهيونيّة الإسرائيليّة الحاكمة الّتي يعكس عُنصريَّتها تصريحات وزراء التّصعيد والتطرُّف من أمثال بن غفير وسموتريش وغيرهما، الأمر الّذي يتطلَّبُ موقفًا دوليًّا حازمًا وفوريًّا مُلتزمًا بالقرارات الشرعيّة والقانونيّة الدّوليّة الّتي تؤكِّدُ على ضرورة وقف الإبادة والعدوان الّذي يجري في غزّة هاشم وكافّة الاعتداءات في فلسطين، وعلى حقِّ الشّعب الفلسطينيّ بإقامة دولته المُستقلّة وعاصمتها القدس، كما يتطلَّبُ الوضع الحاليّ وحدة الأمّة وأحرار العالم وكلّ الشُّرفاء ودُعاة الحرّيّة وحقوق وكرامة الإنسان في العالم ضدَّ همجيّة الاحتلال وبربريّته ضدَّ القيم والأخلاق والفطرة الإنسانيّة.

وسيبقى الأردن شعبًا وقيادةً صاحب الوصاية التّاريخيّة الهاشميّة على المُقدّسات الإسلاميّة والمسيحيّة في القدس، الدّاعم والسّند لأهلنا في فلسطين مُسلمين ومسيحيّين مهما كانَتِ التّضحيات وبلغ الثّمن.

*أمين عام اللّجنة الملكيّة لشؤون القدس

عن أخبار البلد

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment