السابق لوثري عضو في المحكمة الأسقفية العربية في الأردن والمجمع الإنجيلي يهنئ ويطالب بالمثل
رابط المقال: https://milhilard.org/esx8
عدد القراءات: 684
تاريخ النشر: يونيو 17, 2023 10:53 م
القسيس ابراهيم نيروز
رابط المقال: https://milhilard.org/esx8
من خلال فهم النصوص الكتابية، فانه من الواضح ان عيون وقلوب وعقول المؤمنين تتجه نحو الوطن السماوي الذي أعده الله للمؤمنين، وان ملكوته ما هي الا غاية يتطلع اليها الجميع كميراث أبدى يعيش فيه الفائز بنعمة الله وبركاته في نعيم دائم وبمحضر الله مع الابرار والقديسين.
وسط هذا الايمان الاسخاتولوجي العميق، الذي يسمو بالروح عالياً، والذي ينبع من فهم عميق للنص الكتابي، لا يمكن التغاضي عن اهمية الجسد كشريك للروح في هذه الحياة،
من هنا ومن خلال اهمية الروح والجسد معا على اعتبار ان الانسان في تكامله لا يمكن الا ان يكون باتفاق العنصرين معا، وفي عيشهما معا، وفق عناية الله ورحمته، فإننا نرى ان كل ما يضر الجسد هو ضار، وكل ما يفيد الجسد هو مفيد.
الحروب والتشرد والتهجير والاحتلال والبطش والقتل والتنكيل وغيرها من ادوات إذلال الانسان وسلب كرامته وحريته، ما هي الا امور تؤثر على الانسان ككل بجسده وروحه، وبكل كينونته على هذه الارض، وتؤثر بشكل جذري على بقائه، ومن ثم على أدائه لرسالته على هذه الارض، فالإنسان هام جدا لدى الله، اذ يقول المنشد للمزمور الثامن: من هو الانسان حتى تذكره، وابن آدم حتى تفتقده؟ وتنقصه قليلا عن الملائكة، وبمجد وبهاء تكلله، فالإنسان مخلوق على صورة الله ومثاله، لذا فان كرامته مهمة وحقه مُصان.
من هنا ندخل الى ما حدث مع الانسان الفلسطيني لمصلحة الانسان الآخر، ووضع طبقات ومجاميع وقوائم متباينة في مجال الحق والحقوق وتسخير الدين والتراث والتاريخ والآثار والجغرافيا لخدمة منطق لا يمكن فهمه، وبالتالي لا يمكن قبوله، وقد ابدلوا قوة المنطق بمنطق القوة، وابدلنا نحن عودة الحق بحق العودة، لذا نرفع قلوبنا الى الله منشدين مع المرنم في المزمور 142: أَسْكُبُ أَمَامَهُ شَكْوَايَ ، ثم يتابع القول: فِي الطَّرِيقِ الَّتِي أَسْلُكُ أَخْفَوْا لِي فَخًّا… أَنْتَ ملجئي، نَصِيبِي فِي أَرْضِ الأَحْيَاء … نَجِّنِي مِنْ مُضْطَهِدِيَّ، لأَنَّهُمْ أَشَدُّ مِنِّي، هذه هي صلاة المظلوم الضعيف الذي يدرك قوة الذي يضطهد لكن يرفع شكواه الى من هو اقوى من الجميع ليعيد اليه حقه.
كَمَا يَشْتَاقُ الإِيَّلُ إِلَى جَدَاوِلِ الْمِيَاهِ، هكَذَا تَشْتَاقُ نَفْسِي إِلَيْكَ يَا اللهُ، بهذه الكلمات نعبر نحن الذين كابدنا ألم التهجير والتشرد ودفعنا ثمن ظلم الانسان للإنسان من حياتنا وابنائنا وكرامتنا تحت مسميات عديدة كالحق والمنطق والدين وغيرها، واخرجونا من بيوتنا وارضنا … ننظر اليها من بعيد، نراهم وهم يفرغونها من اصحابها ليزرعوا بها اناساً آخرين لا تربطهم بها اية صلة، لذا نراهم يدوسون بأقدامهم على شتلة الزعتر ويقطعون شجرة الزيتون ويعتدون على غصن البرتقال، اذ ان كل هذه الامور لا تعنيهم بشيء لانهم لا يعرفونها ولا هي تعرفهم.
الوطن امانة بيد اصحابه، واي قمع للتوجه الوطني في الانسان هو شكل من اشكال قمع إنسانية الانسان، ومحاولة لفصل الروح عن الجسد، لذا علينا دائما تنمية الشعور الوطني بداخلنا، ونعلمه لأبنائنا مع تعلمهم الحب والايمان، علينا ان نتعلم التمسك بالأرض التي تربطنا بها العديد من الروابط، يكفي ان اقدام المسيح قد داست على ترابها وشرب من مائها وتنفس من هوائها، انها الارض المقدسة بكل ما فيها من بشر وحجر وشجر.
كم اشتاق لظل بيارتنا في يافا، ولصوت امواج البحر من امام شرفة بيتنا على الشاطئ السليب، اشتاق للصلاة في كنيستنا في حيفا، اشتاق لزقزقة السنونو، اشتاق لكل هذا وارفع شكواي الى الله الذي لا يرضى بالظلم، وأقول لنفسي: لماذا انت منحنية يا نفسي؟ ولماذا تئنين فيّ؟ ترجي الله لإني بعد احمده، خلاص وجهي وإلهي.
القس ابراهيم نبروز راعي الكنيسة الاسقفية في الحصن والفحيص والقاضي بمحكمة البداية الاسقفيه
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.