السابق مصدر لـ ملح الأرض: الملكة رانيا ستضيء شجرة الميلاد في الفحيص الثلاثاء
رابط المقال: https://milhilard.org/2sge
عدد القراءات: 821
تاريخ النشر: ديسمبر 11, 2022 12:05 م
رابط المقال: https://milhilard.org/2sge
سلام فريحات- ملح الأرض
لا يزال موضوع حق التبني للمسيحيين شائكا ما بين القوانين الكنسية التي تحكم أحوالهم الشخصية، والنظام العام للدولة الذي تحكمه الشريعة الإسلامية. والى ذلك، يبقى هذا الحق معلقا إلى حين جواز الدولة الأردنية بحق التبني للمسيحيين فقط، رغم المطالبات العديدة لإعطاء حق التبني للمسيحين وآخرها إدراجه ضمن قانون الطفل الأردني الذي أُقرّ مؤخرا.
يقول المحامي يعقوب الفار لـ ملح الأرض عن حق التبني في الدين المسيحي “إن كل قوانين الأحوال الشخصية، للطوائف المسيحية فيها حق التبني ضمن شروط صارمة، ليرجع الأمر للمحكمة الكنيسة لترى فيما إذا تحقق الشروط أو لا”، لافتا إلى أن صدور هذا القرار يعني إلزاميته وأن الطفل له حقوق شرعية والتزامات وحقوق تجاه والديه.
أما فاعلية هذا القرار أمام الدولة يبين الفار أنها ترفضه لأنه يخالف النظام العام، موضحا أنه في الوقت نفسه هذه القرارات لم تعرض أمام المحاكم الإدارية لتقول كلمتها.
وحول المظلة القانونية والدستورية لقرار التبني، يلفت الفار في حديثه لـ ملح الأرض إلى أن المادة 109 من الدستور فقرة 2 أجازت تطبيق قوانينها الخاصة على مسائل الأحوال الشخصية المتعلقة بالشأن المسيحي، يقول”بإضافة هذه المادة نضمن النقلة النوعية التي حصلت على تغيير وتعديل بعض نصوص الدستور والانتقال لمرحلة أسمى من العمل السياسي والحزبي”.
فيما يتعلق بضم قرار التبني لقانون الطفل يشير المحامي الفار إلى أن القانون الجديد ينظر لحماية الطفل، لذلك يوجد فيها نصوص وأحكام متعلقة بالتبني، ” التبني منفصل تماما عن الحماية، يعطى للذي لا يُرزق بأبناء لحماية حق هؤلاء الأشخاص بالأبوة، أما عن حق الطفل فهو مستقل”.
ويرى أنه يستطيع الشخص المسيحي في الأردن أن يضمن حقه في التبني، حسب المحامي الفار من خلال قيامه في الإجراءات المتبعة، أولا رفع دعوى للمحكمة الكنسية لإصدار قرار التبني، ثم الذهاب بالقرار للأحوال المدنية لتسجيله كطفل متبنى، وفي حال رفض الأحوال المدنية، يتم الطعن به أمام المحكمة الإدارية.
حيث تشير المادة(109) من الدستور الأردني فقرة (ب).إلى أن مجالس الطوائف الدينية تطبق الأصول والأحكام المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية التي لا تعتبر من مسائل الأحوال الشخصية للمسلمين الداخلة في اختصاص المحاكم الشرعية، على أن تنظم تشريعات هذه المجالس شروط تعيين قضاتها وأصول المحاكمات أمامها.
بدورها نسرين حواتمة مؤسسة خدمة سندك في الأردن والشرق الأوسط تقول ” أوافق الرأي القانوني للحفاظ على حق الطفل من خلال المحكمة الكنيسة وبالاتفاق مع وزارة التنمية في حال تمت الموافقة على حق التبني للمسيحين وعلى أن تكون القضية لأجل تثبيت النسب والتأكد من قدرة العائلة المتبنىة على تنشئة الطفل التنشئة الصحيحة”.
“يستطيع المسيحي أن يقدم طلب احتضان لوزارة التنمية الاجتماعية”، تقول الحواتمة، مشيرة إلى أن خدمة سندك ساعدت الأشخاص المسيحيين من يريدون الاحتضان على معرفة حقهم بالاحتضان في الأردن.
وعن طلبات الاحتضان للأسر المسيحية، أشارت إلى أنه في عام 2020 سجلت أول أسرة مسيحية طلبا للاحتضان في وزارة التنمية، منتظرين دورهم في إيجاد طفل مسيحي، مؤكدة معرفة الطفل المسيحي غير معروف الأبوين في الأردن، يحتاج لأن يكون هناك دلالات على ذلك مثل الصليب، أو سنسال، وغير ذلك من الأمور الدالة على دينه.
وحسب قانون الأحوال المدنية مادة 19 فقرة” أ- “كل من وجد طفلا حديث الولادة عليه تسليمه إلى مركز الشرطة في المدن وإلى مختار القرية في القرى التي لا يوجد مركز للشرطة ، مبينا الزمان والمكان والظروف التي وجد فيها مع تسليم ما وجد عليه من ملابس وغيرها” أما فقرة [ب] تشير إلى أنه “يعتبر دين الدولة دينا للمولود وإذا ظهر من يدعي نسب الطفل إليه، بعد تدوين واقعة الولادة في السجلات وأبرز حكما قضائيا قطعيا بذلك يلحق الطفل به وتغيّر الأسماء تبعا لذلك”.
وعن سؤالنا حول المطالبات بإدراج التبني المسيحي في قانون الطفل توضح حواتمة لـ ملح الأرض أنه كان هناك مطالبات منذ ثلاث سنوات في الموضوع، لكن الرد كان الأردن متحفظا على التبني في قانون الطفل.
اقرأ أيضا: عائلات أردنية مسيحيّة تحقق حلم “التبنّي” في الخارج
من جهته يقول القس معتصم دبابنة لـ ملح الأرض بالرغم من عدم توحيد قانون الأحوال الشخصية لكل المحاكم الكنسية إلا أن جميعها يتفق على أن التبني في الدين المسيحي جائز، وذلك رجوعنا إلى الكتاب المقدس المنصوص فيه على جوازه.
ومن ناحية أخرى يرى القس دبابنة أن التبني لديه بعدا إنسانيا، منطلقا من حاجة الأبوين لإشباع غريزة الأمومة والأبوة، وحاجة الطفل لوجوده في كنف أسرة لتعزيز الروابط الإنسانية بين الطرفين، بعيدا عن الملاجئ ودور الرعاية التي تحتضن الطفل لغاية ال18 عشر عاما فقط.
وعن الشروط الواجب توافرها في الأسر التي ترغب في التبني، حسب المحاكم الكنسية يوضح لـ ملح الأرض أنها مرتبطة بقدرة الأبوين توفير الرعاية الكاملة للطفل من الناحية الفسيولوجية، الصحية، النفسية، الدراسية، مؤكدا أن الشروط الواجب توافرها في الأبوين الراغبين في التبني أصعب من الشروط للأسر التي لديها أطفال بيولوجيين، بحيث لا يُعامل بقسوة، يقول” هناك بعض المحاكم الكنسية تضيف شرط فقد الأبوين حقهم في التبني في حال الإساءة له”.
في اجتماع توافقي سابق نظمته الهيئة الإدارية للجمعية الارثوذكسية، وبحضور أكثر من 50 شخصية مسيحية في الأردن باختلاف توجهاتهم ، ناقشوا فيه إيجاد قانون أحوال شخصية موحد لجميع الطوائف في الأردن ليسهل إجراءات التبني المسيحي في الأردن، بالإضافة للمساواة بين الجنسين في الإرث.
اقرأ أيضا: مسيحيون في الأردن يطالبون بتعديل تشريعات الاحتضان واستثنائهم من تحريم التبنّي
وأشارت وفاء بني مصطفى وزيرة التنمية الاجتماعية في تصريح سابق لها، أن الأردن يتحفظ على ثلاثة مواد من اتفاقية حقوق الطفل وهي 14،20،21، المتعلقة بحقي التبني وتغيير الدين، والذي صادق الأردن على الاتفاقية بموجب قانون التصديق على الاتفاقية رقم (50) لسنة 2006.
اقرأ أيضا: تحرك قوى لإقرار قانون أحوال شخصية للمسيحيين يضمن المساوة بين الذكور والإناث
هل يبقى حق التبني معلقا لدى المسيحيين في الأردن، أم يصدر قرارا برفع التحفظ على حق التبني لهم؟ وماذا يحدث في حال وصول قضية تبني أمام المحاكم الإدارية، في ظل وجود نص الدستور على بت مجالس الطوائف الدينية في مسائل الأحوال الشخصية؟.
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.