السابق ردود فعل تجميد الاعتراف ببطريرك الأرمن- من نشرة ملح الأرض رقم 77 ليوم الجمعة 19-5-2023
رابط المقال: https://milhilard.org/82us
تاريخ النشر: مايو 20, 2023 4:58 م
رابط المقال: https://milhilard.org/82us
كتبت: رنا حداد
لم تكن جائحة كورونا التي توقف الحديث عنها بعد أن شغلت البشرية على مدار سنوات هي الأصعب .. فها هي تنتهي وتذوب بتصريح من منظمة الصحة العالمية ..وتبقى الجوائح التي تأكل انسانيتنا بلا اعلان أو مدة صلاحية .. في حديثه مع اساقفة وكهنة مؤخرا أشار قداسة البابا فرنسيس إلى خمسة عشر مرضا يمكن أن تصيب الأنسان سيما أولئك في مواقع المسؤولية، ومكانة التأثير في الناس ، فقال ان شعورنا بالخلود وأننا “خالدون” في مناصبنا وعلى كراسينا، مثلا وأننا “محصنون” وتعاملنا مع الآخر وفق هذا المنطلق، هو مرض، مرض المكسب الدنيوي، الذي ننجبر ونتجبر فيه باستعراض قدراتنا واننا فقط الأقوى والأجدر .ننسى عمل الله وارادته في حياتنا فنقع في براثن مرض آخر هو “الزهايمر الروحي” .
وعن مرض فتاك آخر قال أن التنافس والمجد الباطل بالمناصب والألقاب يجعلنا أشخاصا مزيفين، فيما تقودنا الحياة الأخرى التي نخفيها عن الناس ولا نظهرها للوقوع بمرض “الشيزوفرينيا الوجودية” يقابلها مرض “سرطان الدوائر المغلقة” إذ نختار أحيانا الانغلاق على مجموعة محدودة من البشر، ولا نرغب برؤية أو أضافة مزيد من الناس الى حياتنا.
ثم هناك مرض نصاب به بإرادتنا واعراضه تؤذي الآخر اكثر منا، هو “مرض الثرثرة” ، الذي يحولنا في كثير من الأحيان إلى “قتلة بدم بارد” ، لا نحس بالآخرين، بل قد نسعد بسقوطهم وفشلهم . فراغات وجودية بداخلنا كبشر، تأتي بضع أو مجموعة من الأمراض أنفة الذكر، لتجدها بيئة خصبة تنمو وتترعرع فيها ، لتتركنا وقد تحجرت قلوبنا وأحشائنا. لا يجدي مع مثل هذه الأوبئة مطاعيم ولا “عصير ليمون” ، بل تحتاج مواجهة مع الذات ورفض المرض بقبول الصحة النفسية عندما نعامل كما نحب أن نتعامل، إن نرحم، ان نترك للروح مساحتها، ومن له أذان سامعتان.. فليسمع.
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.